صراع على سدانة البيت الحرام
بنى الخليل وولده الذبيح بيت الله الحرام ، فعكف إسماعيل (عليه السلام)على سدانته وولايته ، يرعاه ويحوطه بالاكبار والتقديس ويرفع من حوله النداء الخالد (لا إله إلا الله)، فكان منارا للهدى، ومعلما للتوحيد، ومآبا للناس وأمنا ، وموطنا للسلام والدعة .
وحين اختار الله نبيه إسماعيل (عليه السلام) إليه وتوفاه في مكة المكرمة ، ورث سدانة البيت وولايته ولده (نابت) ، وبقي يلي شؤون البيت ويحرص على رعايته حتى وفاته ، وكان حينها تجاور البيت عشائر جرهم ، ولم يكثر ولد إسماعيل فغلبت على ولاية البيت جرهم ، فكان أول من ولي شؤون البيت فيها مضاض بن عمر الجرهمي خال ولد إسماعيل ، فتحكمت جرهم في مكة وعبثت في أرجاء البلد الحرام ، وتسرب حياتها الفساد إلى والطغيان، فطغت وبغت وتلاعبت بأموال الكعبة، واعتدت على الحجيج، وآذت الوافدين إلى بيت الله الحرام.. وهكذا كانت جريمة جرهم وبغيها سببا لانهيار سلطانها وتسليط خزاعة عليها .
ثم جاء دور خزاعة : انكسر سد مأرب واجتاح سيل العرم أرض اليمن، وتفرقت عشائر اليمن ، فارتحل بنو حارثة بن عمر الملقب بخزاعة فأقاموا في تهامة .
اجتمعت خزاعة واستعانت بكنانة على قتال جرهم ، فانتصروا على جرهم (41)، وشردوا من بقي منهم عن حرم البيت الأمن .
تمكنت خزاعة من أرض الحرم، وثبتت سلطانها، وأحكمت قبضتها وتسلمت ولاية البيت وسدانته (42).
ولم تكن خزاعة بأفضل من سابقتها ، فقد دنست البيت الحرام وأدخلت فيه الوثنية ونصبت الاصنام ، فأتى زعيمها عمرو بن لحي الذي انتصرت خزاعة بقيادته على جرهم بالصنم الكبير هبل ونصبه في البيت الحرام ، وراحت تزيف وحدانية البيت ، فكان عمرو بن لحي أول من أدخل الوثنية ونشرها بين العرب وغير دين الحنفية ، وعفى آثار التوحيد ، وشوه وجه الحرم الآمن ، فشاء الله أن ينتزع منها سدانة الكعبة ، وأن يلبسها ثوب الذل والانكسار بما طغت وضيعت .. فانتقلت سدانة البيت الحرام إلى قريش . ولانتقالها إلى قريش قصة ورواية طريفة .
صفحہ 38