189

Islamic Jurisprudence and Its Proofs by Al-Zuhayli

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

ناشر

دار الفكر-سوريَّة

ایڈیشن

الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)

پبلشر کا مقام

دمشق

اصناف

قصد القربة لله ﷿، فلا تصح الصلاة بالوضوء لغير العبادة كالأكل والشرب والنوم ونحو ذلك، واستدلوا بما يأتي:
أـ السنة: قوله ﷺ فيما رواه الجماعة عن عمر ﵁ «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ مانوى» أي إن الأعمال المعتدّ بها شرعًا تكون بالنية، والوضوء عمل، فلا يوجد شرعًا إلا بنية.
ب - تحقيق الإخلاص في العبادة، لقوله تعالى: ﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء﴾ [البينة:٥/ ٩٨]، والوضوء عبادة مأمور بها، لا يتحقق إلا بإخلاص النية فيه لله تعالى؛ لأن الإخلاص عمل القلب وهو النية.
جـ - القياس: تشترط النية في الوضوء، كما تشترط في الصلاة، وكما تشترط في التيمم لاستباحة الصلاة.
د - الوضوء وسيلة للمقصود، فله حكم ذلك المقصود، لقوله تعالى: ﴿إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم﴾ [المائدة:٦/ ٥]، فهذا يدل على أن الوضوء مأمور به عند القيام للصلاة، ومن أجل هذه العبادة، فالمطلوب غسل الأعضاء لأجل الصلاة، وهو معنى النية.
وبمقارنة أدلة الفريقين يتبين لي أن الحق هو القول بفرضية النية؛ لأن أحاديث الآحاد كثيرًا ما أثبتت أحكامًا ليست في القرآن، بل إن حديث عمر في النية، وإن كان غريبًا بالنسبة إلى أوله، فهو مشهور بالنسبة إلى آخره، فإنه اشتهر، فرواه عن عمر أكثر من مئتي إنسان، أكثرهم أئمة، ومن أعيانهم الإمام مالك والثوري والأوزاعي وابن المبارك والليث بن سعد وحماد بن زيد وشعبة وابن عيينة وغيرهم، ولأن عموم الماء للأعضاء بدون قصد أصلًا، أو بقصد التبرد، ليس غسلًا للوضوء، حتى يؤدي مهمته الشرعية، ويحقق المأمور به كما أمر به، والأمور بمقاصدها باتفاق الأئمة.

1 / 204