اسلام اور انسانی تہذیب
الإسلام والحضارة الإنسانية
اصناف
إن العلم بوجود الله كما نعلم بوجود المنظورات بالعين يلغي الضمائر والعقول، ويبطل جهود النفس الإنسانية في امتحان الخير والشر والهداية والضلال.
والمعرفة بحاسة البصر معرفة يتساوى فيها الإدراك كما يتساوى إدراك الآلة وإدراك الحيوان، فهل هذه هي المعرفة التي تليق بالإنسان المسئول عن ضميره، الباحث عن هدايته المترقي بسعيه واجتهاده؟ وهل يطلبون أن يتساوى الناس في مدركات الضمير وحدها ، أو يطلبون أن يتساووا في مدركات الحواس وملكات الأجسام والأفهام ومقادير الأعمار والأيام؟ وهل هذا العالم الإنساني الذي يتألف من نسخة واحدة متكررة هو عندهم عالم المثال المنشود، وهو العالم الذي تثبت به حكمة الله ووجوده ويستقيم عليه أمر الوجود؟
إن أهون ذرة من التراب لا تعطينا حقيقتها الكاملة في لمحة عين، ولا نستغني في عرفانها والانتفاع بها عن جهود العمل والتفكير والتحليل لندرك منها بعض ما يدرك ولا نقول كل ما يدرك؛ لأننا نجهل كنه الذرة الترابية وغير الترابية حتى الآن، ولعلنا سنجهل هذا الكنه في قراره ومداه إلى أن يشاء الله.
ويحدث هذا ولا يرى فيه الملحدون الماركسيون عجبا منكرا ولا شذوذا عن الوضع الصحيح والرأي السديد، بل يقيسون التقدم الذي يدعونه بمقدار ما حصلوه ويحصلونه من هذه الحقائق ولو كانت معلقة بأهون الأشياء.
وإن الشمس على جلائها لتخفى عليهم الآن بعد أن خفيت على الأقدمين دهورا بعد دهور، ولقد كانوا يحسبونها كقرص الغربال فأصبحوا يعرفون اليوم أنها أكبر من الأرض والقمر والسيارات، وكانوا يحسبونها تدور فأصبحوا يعلمون أن الأرض هي التي تدور، وكانوا يجهلون سرعتها ومسافاتها فأصبحوا يعلمون الآن كم هي بالدقائق وكم هي بالأميال.
إلا أنهم لا يزالون يجهلون منها أضعاف ما عرفوه، ولا يزالون يبحثون عن مصدر حرارتها فيخلطون بين النقيضين ويزعمون مرة أنه من تكوين العناصر، ومرة أخرى أنه من تفتيت العناصر وانشقاقها، ولا يدرون على التحقيق هل يندفع اللهب من باطنها إلى ظاهرها أو يرتد من ظاهرها إلى جوفها، ولا يستغربون من نظام الكون أن تكون شمسه الساطعة بهذا الخفاء، وأن تحار فيها العقول هذه الحيرة، وهي أم الضياء!
فما بالهم يريدون من الحقيقة الإلهية أن تكون أقرب منالا من حقائق هذه الكائنات التي لا يدعون لها عظمة الربوبية ولا جلالة الأبدية!
وما بالهم ينتظرون من حقيقة الحقائق أن تحيط بها لمحة عين، ويستنكرون السعي إلى غاية الحقائق من متناول السماع والأبصار!
إن العلم بوجود الله مطلوب، ولكنه علم لا قيمة له إذا كان يلغي العقول ويعطل الضمائر ويبذل لمخلوق لا فضل له في إدراك أقرب الحقائق وأبعدها على الآلة والحيوان.
وقبل أن ينتقد الناقد ما ينتقده من هذه العظائم الجلى، عليه أن يتعلم كيف يقترح وكيف يصحح ما ينتقده ولا يرتضيه.
نامعلوم صفحہ