اسلام اور انسانی تہذیب
الإسلام والحضارة الإنسانية
اصناف
أما إذا تفرقت هذه المخلوقات في أنواع السعادة، فكيف تتفرق دون أن يكون هذا المخلوق مستمتعا بمزية ليست للآخرين من المخلوقات؟
وهل تكون المخلوقات جيلا واحدا، ثم يكون هذا الانفراد بالخلق إنصافا للأجيال التي تظهر بعد العدم على سنة التتابع بين الوالدين والمولودين؟
إن خطأ الشك الذي يقوم على افتراض العالم على صورة من هذه الصور هو أظهر الأخطاء بعد النظر اليسير.
فكمال المخلوقات لا يدل على وجود المنفرد بالكمال المطلق الذي لا يتكرر ولا يقبل التكرار.
بل نقص المخلوقات هو الذي يدل على ذلك الكمال على كل وجه قابل للتصور والتقدير.
وإذا تصورنا الخلق بهذه الصورة التي لا صورة غيرها في الإمكان، فمن اليسير أن نفهم كيف نرجو شيئا لا يتحقق، وكيف نجهل ما نرجوه، ولا ندري بكل ما يضمره الغيب لنا من عواقب هذا الرجاء.
ويستحلفني السيد «م. ا. زيدان» أن أقنعه بالآية التي تقول:
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم [البقرة: 216].
فلا أراني بحاجة إلى مثل بعيد عني، ولا عن الواقعة التي رواها صاحب الرسالة عن نفسه، وكانت سببا لشكواه من المقادير.
لقد أردت في مطلع شبابي كما أراد السيد زيدان أن أنجح في امتحان كامتحانه لإتمام الدراسة بالديار الأوروبية، وكانت الجامعة المصرية في نشأتها الأولى هي التي نظمت ذلك الامتحان على يد رئيسها سعد زغلول لتخريج الأساتذة المرشحين للتدريس فيها بعد عودتهم من الجامعات الفرنسية والإنجليزية، وقد فاتني النجاح في الامتحان لسبب من الأسباب الشكلية كما فات السيد زيدان، فأظلمت الدنيا في عيني يوم ذاك، ونعيت على الدنيا كلها خيبة الرجاء، وظننت أنه هو الرجاء الأول والأخير في الحياة، ولكنني اليوم - بحمد الله - غير نادم على ما فات وغير عاتب على المقادير. بل قد علمت بعد قليل أنني لم أعتب على سعد زغلول، ولم أحمله جريرة الخيبة فيما رجوت، وكنت في مقدمة المدافعين عن عمله بالجامعة المصرية يوم أنكره عليه المنكرون غير منصفين ولا متحرجين.
نامعلوم صفحہ