هاهُنا للمُداراةِ التي تجري مَجْرَى المُساهَلَةِ في الأمورِ. وأَصْلُ المداراةِ من قولِكَ: دَرَيْتُ الصيدَ، إذا خَتَلْتَهُ لتصطادَه.
٢٥ - قالَ أبو سُليمانَ: ومِمّا سَبِيلُهُ أنْ يُهْمَزَ لدَفْعِ الإشكالِ، وعَوامُّ الرواةِ يتركونَ (٨ أ) الهَمْزَ فيه قَوْلُهُ، ﷺ، في الضحايا: ([كُلُوا] وادَّخِروا وائْتَجِروا). أي تَصدَّقوا طلبَ الأجرِ فيه. والمحدِّثون يقولون: واتَّجِروا، فينقلبُ المعنى [فيه] عن الصدقةِ إلى التجارةِ، وبيعُ لُحومِ الأضاحي فاسِدٌ غير جائزٍ. ولولا موضعُ الإشكالِ وما يَعْرِضُ من الوَهْمِ في تأويلِهِ لِكانَ جائزًا أنْ يُقالَ: واتَّجِروا، بالإدغامِ، كما قِيلَ من الأمانةِ: اتُّمِنَ، إلاّ أنَّ الإظهارَ هاهُنا واجِبٌ، وهو مذهبُ الحجازيينَ. يُقالٌ: ائْتَزَرَ فهو مُؤتَزر، [وائْتَدَعَ فهو مؤتَدعِ]، وائْتَجَرَ فهو مُؤْتجِر. قال أبو دَهْبَل: يا ليتَ أَنِّي بأثوابِ وراحِلتي عَبْدٌ لأَهْلِكِ هذا الشهر مُؤْتَجَرُ ٢٦ - ومن هذا البابِ قولُ عُمَرَ، ﵁: (لو تمالأَ عليهِ أَهْلُ صَنْعاءَ لقَتَلْتُهُم بهِ). مهموزٌ من الملأ، أي لو صاروا كُلُّهُم ملأً واحدًا في قَتْلِهِ.
1 / 31