اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

ابن عزیز سجستانی d. 330 AH
93

اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة

اصناف

وقيل في تفسير قوله : [كمثل غيث أعجب الكفار نباته ] (¬2) يعني الزراع ؛ لأنهم يغطون البذر بالتراب ، ويقال : كفر فلان في السلاح إذا لبسه ؛ لأنه يتغطى به ، وقيل في تأويل حديث النبي عليه السلام : ( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ) (¬3) أن معناه متكفرين في السلاح ، تنزيها للصحابة من الكفر بعد الإسلام 0 المنافق :/ هو مشتق من النافقاء ، وهو جحر اليربوع ، يكون له بابان ، فإذا62أ أخذ عليه باب خرج ( من ) الباب الآخر ، وهو قريب من معنى النفاق ، لأنه يظهر الإسلام ، فإذا أحس الخوف من العدو ، أظهر الكفر ، وخرج عن الإسلام ، قال الله تعالى : [فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا ] (¬1) ، وقيل : سمي منافقا ؛ لأنه يدخل في الإسلام بقوله ، ويخرج منه بعقده ، وقيل : شبه المنافق باليربوع الذي هو في نافقائه الذي له بابان ، يدخل من واحد ، ويخرج من آخر ، وكذلك المنافق ، يدخل في الإسلام عند المسلمين ، ويخرج منه عند الكافرين، قال الله تعالى : [ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم ] (¬2) الآية ، والنفق هو الثقب تحت الأرض ، من قوله : [فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض ] (¬3) والمنافق على وزن مفاعل ، والمفاعل لا يكون إلا من اثنين ، إلا في أحرف ، مثل قوله تعالى : [ قاتلهم الله ] (¬4) أي قتلهم الله ، وعافاك الله ، معناه : أعفاك الله ، ومثل قولهم : شارفت : أي أشرفت ، وباعدت : يعني أبعدت ، وجاوزت : بمعنى جزت ، حكي هذه الأحرف في فاعلت بمعنى فعلت ، وإنما سمي / منافقا : مفاعلا لأنه قال بلسانه ، ولم يؤمن قلبه ، فكانت 62ب سبيلهم مع رسول الله هذه السبيل ، فقبلهم عليه السلام على ذلك ، وقد دله الله على ما في قلوبهم في قوله له : [إذا جاءك المنافقون] (¬5) إلى قوله : [لكاذبون] (¬6) فكان الفعل منهم قول باللسان ، خلاف ما في قلوبهم ، وقابلهم رسول الله بمثل فعلهم ، لأنه قبل ما قالوه ، ولم يكشف أمرهم ، وعلم بقلبه أن الأمر خلاف ما قالوه ، فسموا منافقين ، أي مفاعلين ، وكذلك معنى قوله تعالى : [يخادعون الله وهو خادعهم ] (¬1) ، [ ومكروا ومكر الله] (¬2) والله لا يخدع أحدا ، ولا يمكر به ، ولكن لما كان الفعل منهم نفاقا وخديعة ومكرا ، سمى مقابلتهم لفعلهم مثل ذلك الاسم ، وسماه مفاعلة ، ومثله قوله : [نسوا الله فنسيهم] (¬3) ، ولم يكن العرب في الجاهلية يعرفون اسم النفاق 0

الشرك : الشرك في اللغة مأخوذ من شركته في الأمر شركة ، أي عادلته وساويته ، والشركة في التجارة على وجوه : منه شركة عنان ، هو أن يشترك الرجلان في مال معلوم ، فيكون الربح بينهما نصفان ، ومعناه من عن يعن إذا عرض كأنه عن لهما شيء فاشتركا فيه ، وقيل : هو مأخوذ من 0000000000000000000 (¬4)

/ لحد أو ألحدت الرجل إلحادا ، وهو مأخوذ من العدو والانحراف ،64أ فكأن الملحد عدل عن التوحيد إلى الشرك ، وعن الإثبات إلى التعطيل ، وتحرف عن الإسلام ، ومال عن الحق إلى الباطل 0

الظلم : قال الأصمعي : الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، يقال في المثل : من أشبه أباه فما ظلم (¬5) ، أي ما وضع الشبه في غير موضعه ، وأرض مظلومة أي حفر فيها حفر لم يحفر قبل ذلك ، وأول من قال أرض مظلومة النابغة ، حيث يقول : " من البسيط "

صفحہ 150