اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

ابن عزیز سجستانی d. 330 AH
29

اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة

اصناف

وقال الله تعالى : [ بل الذين كفروا في عزة وشقاق ] (¬3) قال : معناه الأنفة والحمية ، ومعنى قوله : [ ذق إنك أنت العزيز الكريم ] (¬4) نزلت في أبي جهل ابن هشام ، لأنه حين أنزل الله : [ إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ] (¬5) الآية ، قال أبو جهل : أيوعدني محمد بهذا ، فوالله لأنا أعز من بين جبليها 0 تعزز بغير عز ، وتكرم بغير كرم ، عزة وحمية ، فالعزة من العبد الحمية والأنفة وهي مذمومة ، قال الله : [ أخذته العزة بالإثم ] (¬6) وهي لله مدحة وثناء ، وفي الحديث : ( يقول الله الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، والعزة لي ، لا لغيري ، فمن نازعني في شيء منها أدخلته جهنم خالدا فيها مصغرا قمئا ) (¬7) ، وقيل للملك عزيز ؛ لأنه قاهر لمن ناوأه من رعيته ، ممتنع من أن تناله يد أحد بظلم ، ممتنع من البروز ، محتجب عن الناس ، فهو لا يشاهد إلا قليلا ، والله عزيز أي غالب لمن ناوأه ، قاهر له ، ممتنع من أن يكيده كائد ، ممتنع من أن يدركه أحد بصفة أو وهم ، عز الخلق كله بالقهر والغلبة / وامتنع عن الكل ، قدير على ذلك تعالى 0 19 ب الجبار : ومن صفاته تعالى الجبار ، والجبار في اللغة هو النخل الذي قد طال ، وفات اليد (¬1) ، ويقال : نخلة جبارة إذا طالت ، فلم يقدر المتناول أعلاها ، وناقة جبار بلا هاء إذا عظمت وسمنت والجمع جبائر ، وفرس جبار إذا كان قويا مشرفا ، ويقال للملك جبار إذا تكبر على الناس ، واحتجب ، فلم يوصل إليه في ظلامة ، ولم يكلم هيبة له ، فكأنه سمى نفسه جبارا ؛ لأنه ارتفع عن أن يتناوله أحد ، أو يدركه أحد بحد أو صفة ، فلا يقدر مظلوم أن يدفع إليه ظلامته ، ويتظلم من ظالم في الدنيا ، بل أخر الحكم بين عباده إلى يوم الجزاء ، وقال قوم الجبار هو من جبر الخلق ، أي نعشهم وكفاهم ، يقال : جبر الخلق ، فهو جابر ، والجبار الفعال ، كما تقول غافر وغفار ، وقال قوم : الجبار من الإجبار ، أي أنه أجبر الخلق على ما أراد ، فلم يقدر أحد أن يخالف مشيئته ، أو يفوت قضاءه ، وهذا خطأ ؛ لأنه لا يقال : أفعل من فعال ، وقد قرئ شاذا:( أهدكم سبيل الرشاد) (¬2) مشدد فعال من أرشد 0 المتكبر : ومن صفاته تعالى المتكبر ، يقال : تكبر الرجل إذا أعلى نفسه وترفع ، والتكبر التعظم ، يقال : تكبر واستكبر ، كما يقال : تيقن واستيقن ، فيكون معناه تعظم ، وهو من الكبر ، والكبر العظمة ، ويقال لمعظم الشيء كبره بكسر الكاف ، قال الله تعالى : [ والذي تولى كبره منهم ] (¬1) ، وهو ذم للعبد ، ومدحة لله تعالى ، والكبر مأخوذ من الكبر/ ، وهو الامتناع وقلة الانقياد ، والصعوبة قال 20 أحميد (¬2) في صفة ناقة : " من الطويل "

عفت مثل ما يعفو الطليح فأصبحت بها كبرياء الصعب وهي ركوب (¬3)

والكبرياء والكبر واحد ، ويقال : الكبرياء الملك ، وقال مجاهد : [وتكون لكما الكبرياء في الأرض ] (¬4) إنه الملك ، فالكبرياء والكبر لله ، لأنه امتنع من الانقياد لخلقه في حكمه ، فتعظم وتكبر أن يتأوله أحد بصفة ، أو يدركه مخلوق بنعت ، بل أعلى نفسه عن ذلك ، والخلق كله منعوت موصوف غير ممتنع من النعت والصفة ، تبارك الله المتكبر 0

صفحہ 60