اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

ابن عزیز سجستانی d. 330 AH
26

اشتقاق اسماء نطق بها القرآن

كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة

اصناف

السلام : قال الله تعالى : [ السلام المؤمن ] (¬2) قال بعض أهل العلم : سمى الله نفسه سلاما لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء والموت والزوال والتغيير ، وقال بعض أهل اللغة : إن السلام بمعنى السلامة ، كما يقال الرضاع والرضاعة ، وقال الله تعالى : [ والله يدعو إلى دار السلام ] (¬3) فالسلام هو الله ، وداره الجنة ، ويجوز أن يكون سماها دار السلام لأن الصائر إليها يسلم فيها من كل ما يكون في الدنيا من الآفات كالمرض والموت والهرم ، وغير ذلك ، فلذلك قال : [ لهم دار السلام عند ربهم ] (¬4) ومنه يقال : السلام عليكم ، يراد اسم السلام عليكم / كما يقال اسم الله عليكم ، ويجوز أن يكون معناه السلامة عليكم ولكم ، 18 أ وقالوا في قوله : [ وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ] (¬1) ، سدادا من القول وصوابه ، فكأنه سمى السداد والصواب سلاما ؛ لأنه قد سلم من الكذب والغيبة والإثم ، والله تعالى وضع هذا الاسم بين عباده ليكون أمانا لهم فيما بينهم ، فإذا سلم أحدهم على الآخر فقد أعطاه الأمان ، كأنه يقول : سلمت مني أن أتناولك بقول أو فعل ، ومن ذلك قال النبي عليه السلام : ( المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ) (¬2) ، والسلام السلامة ، قال لبيد (¬3) : ( مجزوء الكامل )

المرء يدعو للسلام وطول عيش قد يضره

يريد السلامة ، وقال تعالى : [ لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما ] (¬4) أي سلمهم الله في الدنيا من آفاتها ، وسلموا في الآخرة من عذاب النار فسلموا في الدارين ، فلذلك كرر سلاما سلاما 0

المؤمن : ومن صفاته تعالى المؤمن ، وأصله من الأمان ، كأنه آمن عباده أن يظلمهم ، أي أعطاهم الأمان على ذلك ؛ لأنه العادل في حكمه، لا يظلم خلقه ، ولا يجور عليهم ، ويقال : آمن الأمير فلانا ، أي أعطاه الأمان ، فلا يخاف عاديته ، ولا يخشى سطوته ، فهو مؤمن له ، وهو على وزن افعل فهو مفعل ، والمفعول به قد أمن يأمن فهو آمن فعل يفعل فهو فاعل ، فالعباد آمنون أن يجور الله عليهم ، فالله يؤمنهم ، قال النابغة (¬5) : " من البسيط " ... ... ... ... ...

صفحہ 56