بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم
الحمد لمن فتق العقول بمعرفته، وأطلق الألسن بحمده، وجعل ما امتن به من ذلك على خلقه وكفاء لتأدية حقه، وأشهد له بالإخلاص أنه لا إله غيره، وأن محمد عبده ورسوله.
كانت الأميون من العرب الذين نسخ الله ﷿ بدينه الذي اختصم به النحل، وختم بملكهم الدنيا إلى انقضاء الأجل، وهداهم لأفضل الملل، في جاهليتهم الجهلاء، وضلالتهم العمياء، لهم مذاهب في أسماء أبنائهم وعبيدهم وأتلادهم، فاستشنع قوم إما جهلًا وإما تجاهلًا، وتسميتهم كلبًا وكُليبًا وأكُلبَ، وخنزيرًا وقردًا، وما أشبه ذلك مما لم يستقص ذكره، فطعنوا من حيث لا يجب الطعن، وعابو امن حيث لا يُسْتَبَط عيب. فشرحنا في كتابنا هذا أسماء القبائل والعمائر، وأفخاذها وبطونها، وتجاوزنا ذلك إلى أسماء ساداتها وثُنْيانِها وشعرائها وفرسانها، وجراري الجيوش من رؤسائهم، ومن ارتضت بحكمه فيما شجر بينها، وانقادت لأمره في تدبير حروبها، ومكايدة أعدائها. ولم نتعد ذلك إلى اشتقاق أسماء صنوف النَّامى من نبات الأرض: نَجمها وشجرها وأعشابها، ولا إلى الجماد من صخرها ومَدَرها، وحَزْنها وسهلها، لأنّا عن رُمْنا ذلك احتجنا إلى اشتقاقِ الأًول التي نشتقُّ منها. وهذا مالا نهاية له.
1 / 3
وكان الذي حدانا على إنشاء هذا الكتاب، أن قومًا ممن يطعن على اللسان العربي وينسب أهله إلى التسمية بما لا أصل له في لغتهم، وإلى ادعاء ما لم يقع عليه اصطلاح من أوليتهم، وعدوا أسماء جهلوا اشتقاقها ولم ينقذ علمهم في الفحص عنها، فعارضوا بالإنكار واحتجوا بما ذكره الخليل بزعمهم: أنه سألَ أبا الدُّقيش: ما الدُّقيش؟ فقال: لا أدري إنما هي أسماء نسمعها ولا نعرفُ معانيهَا وهذا غلط على الخليل، وادعاء على أبي الدقيش، وكيف يَغبَى على أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد نصر الله وجهه مثل هذا وقد سمع العرب سمَّت: دَقْشًا ودُقَيشا ودَنقْشَا، فجاءوا به مكبَّراَ ومحقرًا، ومعدولًا من بنات الثلاثة إلى بنات الأربعة بالنون الزائدة. والدَّقش معروف وسنذكره في جملة الأسماء التي عَمُوا عن معرفتها، ونُفرد لها بابًا في آخر كتابنا هذا، وبالله العصمة من الزَّيغ، والتوفيق للصواب.
وأخبرنا أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: قيل للعتبي: ما بال العرب سمت أبناءها بالأسماء المستشنعة، وسمت عبيدها بالأسماء المستحسنة؟ فقال: لأنها سمت أبناءها لأعدائها، وسمت عبيدها لأنفسها.
وقد أجاب العُتبي بجملة كافية، ولكنها محتاجة إلى شرح يوضحها الاشتقاقُ، وسنتي على ذلك إن شاء الله.
فابتدأنا هذا الكتاب باشتقاق اسم نبينا ﷺ، إذ كان المقدم في الملأ الأعلى؛ ثم باشتقاق أسماء آبائه إلى معد بن عدنان حيث انتهى ﷺ بنسبة ثم قال: " كذب النسَّابون "، يقول الله ﷿: " وقُرُونًا بَيْنَ
1 / 4
ذَلِكَ كَثِيرًا " فانتهى النسب إلى عدنان وقَحطان، وما بعد ذلك فأسماءٌ أخذت من أهل الكتاب.
واختلف النسابون في النسب بين عدنان وإسماعيل بنِ إبراهيم ﵈، فأما نسب إبراهيمَ إلى آدمَ ﵉ فصحيحٌ لا اختلافَ فيه، لأنه منزلٌ في التوراة مذكورٌ فيها نسبُهم ومبلغُ أعمارهم.
واعلمْ أن للعرب مذاهب في تسمية أبنائها، فمنها ما سمَّوه تفاؤلًا على أعدائهم نحو غالب، وغَلاّب، وظالم، وعارم، ومُنازِل، ومقاتل، ومُعارِك، وثابت، ونحو ذلك. وسمَّوْا في مثل هذا الباب: مُسهِرًا، ومُؤرِّقا، ومصبِّحا، ومنبِّها، وطارقًا.
ومنها ما تفاءلوا به للأبناء نحو: نائل، ووائل، وناجٍ، ومُدرِك، ودَرَّاك، وسالم، وسُلَيم، ومالك، وعامر، وسعد، وسَعِيد، ومَسْعَدة، وأسعَد، وما أشبه ذلك.
ومنها ما سمِّي بالسِّباع ترهيبًا لأعدائهم: نحو: أسد، وليث، وفَرَّاس، وذِئب، وسِيد، وعَمَلَّس، وضِرغام، وما أشبه ذلك.
ومنها ما سمِّي بما غلُظ وخشُن من الشّجَر تفاؤلًا أيضًا نحو: طلحة، وسَمُرة، وسَلَمة، وقَتَادة، وهَراسة، كلُّ ذلك شجرٌ له شوكٌ، وعِضاهٌ.
ومنها ما سمي بما غُلظ من الأرض وخشُن لمسُه وموطِئُه، مثل حَجَر وحُجَير، وصَخْر وفِهر، وجَندل وجَروَل، وحَزْن وحَزْم.
1 / 5
ومنها أن الرجَل كان يخرج من منزله وامرأته تَمخضُ فيسمِّي ابنه بأوَّل ما يلقاه من ذلك، نحو: ثعلب وثعلبة، وضبّ وضبّة، وخُزَز، وضُبَيعة، وكلبٍ وكليب، وحمار وقرد وخنزير، وجحش، وكذلك أيضًا تُسمِّى بأول ما يَسنَح أو يبرح لها من الطَّير نحو: غُرابٍ وصُرَد، وما أشبَهَ ذلك.
حدثنا السَّكن بن سعيد الجُرموزيِّ عن العباس بن هاشم الكلبي، عن خراش قال: خرجَ وائلُ بن قاسطٍ وامرأتُه تَمخَّضُ وهو يريد أن يرى شيئًا يسمِّي به، فإذا هو ببَكْرٍ قد عَرضَ له فرجَعَ وقد ولدت غلامًا، فسمَّاه بكرًا، ثم خرج خَرجةً أخرى وهي تمخّض فرأى عنزًا من الظباء فرجع وقد ولدَتْ غلامًا، فسماه عَنْزا وهو مع خَثعَم بالسَّراة وبالكوفةِ وفِلَسطين، ثم خرج خرجة أخرى فإذا هو بشُخَيصٍ قد ارتفَعَ له ولم يتبيَّنْه نظرًا فسماه الشُّخَيص، وهم أبياتٌ مع بني ثعلبة بن بكرٍ بالكوفة، ومنهم بقيةٌ بالجزيرة. ثم خرج خرجةً أخرى وهي تمّخض فغَلبَه أن يَرَى شيئًا فسمّاه تَغلِب.
وأخبرنا السَّكَن بن سعيد، عن العباس بن هاشم، عن المسيَّب النميمي قال: خرج تميمُ بن مُرٍّ وامرأتُه سَلمى بنت كعب تمخّض، فإذا هو بواديٍ قد انبثق عليه لم يشعُرْ به، فقال: اللَّيل والسَّيل! فرجع وقد ولَدْت غلامًا، فقال: لأجعلنَّه لإلهي، فسماه زيد مناة، ثم خرجَ خرجةً أخرى وهي تمخّض فإذا هو بضُبعٍ تجرُّ كاهلَ جَزور فقال: أعثى به رَثْية، يأوي إلى رُكنٍ شديد. - أعثى، يعني الضَّبع والرَّثْية يعني الضَّرَع - فولدت عَمْرًا، ثم خرج
1 / 6
وهي تمخض فإذا هو بمُكَّاء يغرِّد على عَوسَجةٍ قد يبِس نصفُها وبقي نصفُها، فقال: لئن كنتِ قد أثريتِ وأسريتِ لقد أجحدتِ وأكدَيْتِ. فولدت غلامًا فسمَّاه الحارث، وهم أقلُّ تميمٍ عددًا.
وإنما اختصرنا منه ما يشبه ما قَصَدْنا له.
1 / 7
أول كتاب الاشتقاق
اشتقاق اسم محمد
محمد
النبي ﷺ، مشتق من الحمد، وهو مُفعَّل، ومفعَّل صفة تلزم من كثر منه فعلُ ذلك الشيء. روى بعض نَقَلة العلم، أن النبي ﷺ لما وُلِد أمَرَ عبدُ المطّلب بجوزرٍ فنُحِرت، ودعا رجالَ قريش، وكانت سُنَّتهم في المولد إذا وُلِد في استقبال الليل كفَؤُوا عليه قدرًا حتى يصبح، ففعلوا ذلك بالنبي ﷺ، فأصبحوا وقد انشقَّت عنه القِدرُ وهو شاخصٌ إلى السماء. فلما حضَر رجالُ قريشٍ وطَعِموا قالوا لعبد المطَّلب: ما سمَّيتَ ابنك هذا؟ قال: سمَّيتُه محمّدًا. قالوا: ما هذا من أسماء آبائك. قال: أردت أن يُحمَد في السموات والأرض. فمحمَّد مفعّل، لأنه حُمِد مرّةً بعد مرة. كما تقول كرَّمته وهو مكرَّم، وعظّمته وهو معظَّم، إِذا فعلتَ ذلك به مرارًا. والحمدُ والشكر متقارِبانِ في المعنى، وربمّا تبايَنَا. ألا ترى أنّك تقول: حَمِدتُ فلانًا على فعلهِ وشكرت له فعلَه، وقد اشتَبَها في هذا الموضع. وتقول: حَمِدتُ فلانًا على فعلهِ وشكرت له فعلَه، وقد اشتَبَها في هذا الموضع. وتقول: جاورتُ بني فلانٍ فحمِدتُهم، ولا تقول شكرتُهم. وتقول: أتيتُ أرض بني فلان فحمِدتُها، ولا تقل شكرتها. وتقول: فلانٌ محمودٌ في العشيرة، ولا تقول مشكورٌ في العشيرة. والدليل على أنَّ محمودًا حُمِد مرّةً واحدة، ومحمدًا حُمِدَ مرّةً بعد مرّة، قول الشاعر:
فلستَ بمحمودٍ ولا بمحمَّدٍ ... ولكمَا أنت الحَبَنْطَى الحُباتِرُ
يعني القصير المتداخلَ الأعضاء.
وقد سمَّت العربُ في الجاهلية رجالًا من أبنائها محمدًا، منهم محمدّ
1 / 8
ابن حُمْرانَ الجعفي الشاعر، وكان في عصر امرئ القيس بن حُجْر، وسمّاه شويعرًا وقال:
أبلغَا عنِّيَ الشُّويعِرَ أنِّي ... عَمْدَ عينٍ جلَّلتُهنَّ حَرِيما
أي قصدتُ ذاك.
ومحمّد بن بِلال بن أُحَيحة بن الجُلاح، وأحيحةُ كان زوجَ سَلمى بنت عمرو بن لبيد النَّجَّارية، فخَلَف عليها بعده هاشم بن عبد مناف، فولدَتْ له عبدَ المطَّلب بنَ هاشم، فهي جَدَة رسول الله ﵇، أمُّ جدِّه.
ومحمّد بن سفيان بن مُجاشع بن دارم، ومحمَّد بن مَسْلَمة الأنصاري سمِّي في الجاهلية محمدًا، وأبو محمَّد مسعودُ بن أوس بن أصْرَم بن زيد بن ثَعْلَبة، شَهِد بدرًا. ومحمد بن خَوْلىّ، وخَولىّ: بطنٌ من هَمْدان.
وقد سَمَّت العربُ في الجاهليّة أحمد. منهم أحمد بن ثمُامةَ بن جَدْعاء: بطنٌ من طيِّئ، وأحمد بن دُوَمان بن بَكِيل: بطنٌ من هَمْدان، وأحمد
1 / 9
ابن زَيد بن خِداش: بطن من السَّكاسك. وبنو أحمد: بطنٌ من طيئ. ويَحْمَد: بطنٌ من الأزد. ويُحْمِد: بُطَين من قُضاعة.
وسمَّوا حامدًا وحُميدًا. فحُمَيدٌ يمكن أنة يكونَ تصغير حَمْد أو تصغير أحمد، من الباب الذي يسمِّيه النَّحويون ترخيم التَّصغير، كما صغروا أسودَ سويدًا، وأخضر خُضَيرًا. وسَّمُوا حُميدَانَ وحَمّادا.
ويقولن: حُمادَاكَ أن تفعل كذا وكذا، في معنى قُصاراك، ولفلانٍ عندي مَحْمِدةٌ ومَحمَدَة، لغتان، إذا كانت له عندك يدٌ تحمَده عليها. والمحامد لله ﵎: أياديه وتفضُّله.
ابن عبد الله
واشتقاق العَبْد من الطريق المعبَّد، وهو المذلَّل الموطوء.
وقولهم: بعيرٌ معبّد يكون في معنى مذلَّل، ويكون في معنى مهنوء بالقَطِران.
قال طَرَفة:
وأُفرِدْتُ إفرادَ البعيرِ المعبَّد
أي الأجرب المهنوء، يتحماماه الناسُ مخافَةَ العَدْوَى. وربَّما كان المعبَّد في معنى الكرَّم. قال حاتم:
أرى المالَ عند الباخِلِينَ معبَّدا
أي معظَّمًا.
وجمع عبدٍ: عبيدٌ، وأعبُدٌ أدنى العَدَد، وعِبِدَّاءُ ممدود ومقصور.
1 / 10
والعِباد: قبائلُ شتَّى من بطون العرب، اجتمعوا بالحِيرة على النَّصرانية فأنِفُوا أن يقال لهم عَبيد، فينسبُ الرّجُل عِباديٌّ.
وقد سَمَّت العرب عَبدًا وعُبَيدًا وعُبَيدةَ ومَعْبَدا وعَبِيدا. ويمكن أن يكون اشتقاق عُبيدة ومَعْبد من العَبَد وهو الأَنف، من قول الله ﷿: " فَأَنَا أوّلُ العَابِدِين "، أي الآنِفِين الجاحدين. وقال عليُّ بن أبي طالب ﵁ في كلامه: عبِدْتُ فصَمَتُّ، أي أنِفت فسكتّ.
وقد سمَّت العربُ عُبادةَ وعبَّادًا وأَعْبَد. والعَبَدة: الصَّلاءةُ التي بُسحَق عليها المِسكُ وغيرُه من الطِّيب. وعُبَيدان: ماءٌ معروف وله حديث، قال الحطيئة:
كماء عُبيدانَ المحَّلإِ باقرُه
وعَبُّود: اسم رجلٍ أو موضعٍ. وعِبْديدٌ الفَرَسانيّ: رجل من فَرَسانَ. وفَرَسانُ: بطون تحالفَتْ على أن تُنسَب إلى هذا الاسم وتراضُوْا به، كما تراضت تَنُوخ بهذا النَّسب، وهم قبائل شتَّى. والعَبْد: وادٍ لطيّئ في جبلِها معروفٌ.
فأما اشتقاق اسم الله ﷿ فقد أقَدَم قومٌ على تفسيره، ولا أحبُّ أن أقول فيه شيئًا.
ابن عبد المطلب
وقد مر تفسير عَبْد. ومطْلِب أصله مطْتَلب في وزن
1 / 11
مفتعل، فقَلبوا التاء طاء لقرب المخرجين، وأدغموا الطاء في الطاء فقالوا مطلب، وهو مفتعل من الطلب. وقد سمت العرب طالبًا وطُلَيبًا وطَلَبَة. والطَّلَب: قومٌ يطلبون هاربًا أو فَلاَّ. يقال: أدرَكَهم الطّلَب. والطَلَب: مصدر طلبتُه أطُلبه طلَبا. ويقال: ماء مطلوبٌ ومُطْلِبٌ، وكذلك كلأ مطلوب ومُطِلب، إذا كان صعبَ الطَلَب. ويقال: فلانةُ طِلْبُ فلانٍ، إذا كان يهواها ويطلبها، وكذلك فلانةُ طَلِيبة فلان، إذا كان يطلها. والمطالب: مواضع الطَّلب. ويجوز أن يكون واحدةُ المطالب مَطْلَبة. ولي عند فلان طَلِبةٌ، أي شيءٌ أطلبُه منه، واسم عبد المطَّلب شَيْبة، واشتقاق شَيبة من الشَّيب، من قولهم: شاب شَيْبةً حسنةً وشَيبًا حسنًا. وأحسب أن اشتقاق الشّيب من اختلاط البياض بالسواد، من قولهم: شُبت الشيءَ بالشيء أشوبهُ شَوبًا، إذا خلطَتهْ. قال تميم بن أَبَيّ بن مقْبِل، ويكنى أبا الحُرّة:
يا حُرَّ أمسىَ سوادُ الرأس خالَطَه ... شَيبُ القَذالِ اختلاطَ الصَّفوِ بالكدرِ
والشيء المَشِيب والمشوب: المختلِط. وقد سمَّت العرب شَيْبان، وهو أبو قبيلةٍ عظيمة. وهو فَعْلان من الشَّيب. ويسمون شَهْرىْ قِمَاحٍ اللذَين يشتدُّ فيهما البرد: شَيبانُ ومَلْحان، لابيضاضِ الأرض من الجليد. وملْحان من المُلْحة، من قولهم كبشٌ أملح، وهو الذي في أطراف صوفهِ بياض يشتمل على سائر جلده، والشِّيب: جبلٌ معروف. وشِيبُ السَّوطِ معروفٌ. ويقال أُشَابةٌ من الناس، أي أخلاط لا خير فيهم، والجمع أشائب. والشَّوب: الخَلْط
1 / 12
بعينه، ويقولون: سَقاه الشَّوبَ بالذَّوب، فالذَّوب: العَسَل. والشَّوب زعموا: الّلبن. ولا أدري مما اشتُقّ في هذا الموضع. وقد سمَّت العربُ أشيَبَ وأحسبه أبا بُطينٍ منهم. وقالوا: رجلٌ أشيبُ، ولم يقولوا امرأةٌ شيباء، اكتفَوا بالشَّمطاء في هذا الموضع.
ابن هاشم
وهاشم: فاعلٌ من قولهم: هَشَمت الشَّيء أهشِمُه هْشمًا، إذا كسرتَه. وكلُّ شيءٍ كسرتَه حتى ينشدِخَ فقد هشَمتَه. وهَشِيم الشَّجر: ما يبِس من أغصانه حتى يتكسَّر. وسمِّي هاشمًا فيما يزعمون لهشْمه الخبزَ للثَّريد. قال مطرودُ بن كعبٍ الخُزاعيّ:
عمرُو العُلَى هَشَمَ الثَّريدَ لقومه ... ورجالُ مكّةَ مُسنِتُون عِجافُ
أي أصابتهم السنةُ الجدبة. وقد سمَّت العرب هِشامًا وهاشمًا وهُشَيمًا ومُهشّمًا. وكأنّ هِشامًا مصدرُ المهاشَمَة. والشيء الهشيم والمهشوم واحد.
والهُشَامة: الشَّيء المهشوم، خبزًا كان وغيرَه. واسم هاشمٍ عمرو. وعمرو مشتقٌّ من شيئين: إمّا من العَمْر وهو العُمر بعينه، يقال العَمْر والعُمر بالفتح والضم، ومنه قولهم لَعمرُك، قسمٌ بالعَمْر. قال ابن أحمر:
بانَ الشّبابُ وأخلف العَمْرُ ... وتغيّرَ الإخوانُ والدَّهرُ
1 / 13
قال الأصمعيّ في تفسير هذا البيت: العَمر والعُمر واحد. وقال غيرُه من أهل العلم: أراد خُلُوف فمِه للكِبَر وتغيُّرَ نَكْهته. والعَمْر: واحد عُمور الأسنان، وهو اللحم المُطِيف بأسناخها، أي بأصولها، والسِّنْخ: الأَصل. وجميع عُمر الإنسان عُمور. والعَمْرة: خرزةٌ أو لؤلؤة يُفصَّل بها نظمُ الذّهب، وبه سمِّيت المرأَةُ عمرة.
والعُمَيران والعُميرتان: عظمان رقيقان، في طرف كلِّ واحدٍ منهما شعبتان تكتنفان الغَلصمةَ من باطن. وقد سمَّت العرب عامرًا، وهو أبو قبيلةٍ عظيمة من قيس. وبنو عامرٍ الأجدار: بطنٌ عظيم من كلب. وبنو عامرٍ في عبد القيس، وهم الذين يسمَّون بالبصرة بني عامرٍ النَّخلِ. وأحسب أنّ في بني تميم بطنًا ينسبون إلى عامر، وله خِطّةٌ بالبصرة، والعُمور: بطونٌ من عبد القيس. وبنو عامر بن لؤيّ في قريش. وقد سمَّت العرب عُميرًا وهو تصغير عمرو، ومَعْمَرًا وهو اسم رجل. واشتقاق مَعْمرٍ من قولهم: هذا الموضع مَعْمرُنا، أي الموضع الذي عَمرْنا به، أي أقَمنا به وحَللناه. يقال: عمرِنا بالمكان نَعَمر به، إذا أقمنا به. وسمَّت العرب عَمِيرة وهو أبو بطنٍ من كنانة. وسمَّوا مُعمَّرًا، وهو مفعَّل من العُمر. وبنو عامرة: بُطَين من الأنصار. وسموا عُمَارة، واشتقاقُه من أحد شيئين: إما أن يكون عُمارة فُعالة من العُمر، أو يكون من قولهم: أعطيت الرجل عُمارتَه، أي أجرةَ ما عَمَره. وعِمارة الشَّيء: إصلاحُه. والعِمارة: القبيلة العظيمة من العرب. قال التغلبي:
1 / 14
لكلِّ أُناسٍ من معدٍّ عمارةٌ ... عَروضٌ إليها يلجئون وجانبُ
أي لكلِّ ناسٍ عمارة من معدّ، أي قبيلة، وتقول: عَمَرت المكانَ أعمرُه عِمارة، إذا أصلحتَه. وسمَّت العربُ عُمَر، واشتقاقه من شيئين: إمّا أن يكون جمع عُمرة الحج، وإما أن يكون فُعَلَ، مبني من فاعل، كما اشتقُّوا زُفَر من زافر، وقُثم من قائم. وعُمرة الحج اشتقاقها من المُقام بمكّة قبل إيجاب الحج، كما قالوا: قَرَن بين حجٍّ وعُمرة. والعَمَارة زعموا: الإكليلُ ونحوُه من الآسِ وغيره يُجعَل على الرّأس. قال الأعشى:
سَجدْنا له ورفَعنا العَمَارا
أي جعلنا الأكاليل على رءوسنا من السُّرور.
والمُعتمِر: المعتمّ، زعموا قال رجلٌ من باهِلَة جاهليٌّ، هو أعشى باهلة:
وراكبٌ جاء من تثليثَ معتمِرُ
أي معتمّ. والمعتم: الذي على رأسه عِمامة. وسَمت العربُ عُمَيرة وهو تصغير عَمرة، وعويمرًا وهو تصغير عامر. والعومرة: اختلاطُ القومِ في شرٍّ وخُصومة، يقال: تركتُهم على عَوْمرةٍ، أي في خصومة وشرّ. قال بعضُ العرب:
تقول عِرسي وهي مَعِي في عَومَرهْ ... بيسَ امرؤٌ وإنّني بيس المَرَه
وجمع عِمارة عمائرُ.
1 / 15
ابن عبد مناف
وقد مرَّ تفسير عبدٍ. ومَنَاف: صنَم، واشتقاقه من ناف ينوف وأناف ينيف، إذا ارتفعَ وعلا. وكانَ أصلُ مناف مَنْوَف، أي مفعَل من النّوف، فقلبوا فتحة الواو على النون فانفتح ما قبل الواو فصارت ألفًا ساكنة وكذلك يفعلون. والنَّوف: السِّنام، وبه سمِّي الرجل نَوْفًا. وبنو مَنافٍ: بطنٌ من بني تميم، وهو مَناف بن دارم. والبعير الآنِف والأَنِف، فالآنف في وزن فاعل، والأنِف في وزن فَعِل، وهو البعير الذي قد أوجعه الخِشاشُ في أنفه، فهو ينقاد لصاحبه طَوعًا. وناقةٌ نِيافٌ: طويلة مرتفِعة، وكان الأصل نِوَافًا فقلبوا الواو ياء لكسرةِ ما قبلها. وكذلك يفعلون في نظائرها. وقولهم: نيَّفَ الرجلُ على الثمانين، أي زَادَ عليها. ومن ذلك نَيِّفٌ على عشرين، أي زائدٌ على العشرين. وقصر مُنِيف: عال مرتفع. والأَنِف من الأنَف. والأنْفُ أحسبه من ذلك، لأنّه مرتفعٌ في الوجه. وقال قوم: بل الأَنْفُ من الأنَفَةِ والأَنَف؛ لأنّه منه يبتدئ الغضب والْحَمِيّة قال الهذلي:
متَى نَجمعِ القلبَ الذكيَّ وصارمًا ... وأنفًا حَمِيًَّا تجتنبْك المظالمُ
واجتلب هذا البيتَ الحارثُ بن ظالمٍ المُرّيّ في هجائه المنذرَ أو الأسودَ بن المنذرِ الملك لما قتل ابنَه فقال:
بدأتُ بِتيكُمْ وأثَّنيتُ بهذِهِ ... وثالثةٍ تبيضُّ منها المقادمُ
متى تجمعِ القلبَ الذكيَّ وصارما ... وأنفَا حميًَّا تجتنْبك المظالمُ
1 / 16
فغَطفان ترويه للحارث بن ظالم، ويرويه هلُ العلم لمالك بن حَريمٍ الهَمْداني.
وينسَب إلى عبد مناف مَنافيٌّ، لأنّه ثقل عليهم أن يقولوا عبد منافىّ، واقتصروا على أحد الاسمين، كما قالوا في عبد القيس: عبديٌّ، وفي عبد الله بن دارم: عبديّ، ولم يقولوا دارميّ ولا قيسيّ، مخافةَ الالتباس. وربما اشتقُّوا من الاسمين اسمًا فقالوا في عبد القيس: عَبْقَسيّ، وفي عبد شمس: عبشَمي، وفي عبد الدار: عبدريّ. واسم عبد مناف المغيرة، والمغيرة: الخيل تُغير على القوم، وفي التنزيل: " فالمُغِيراتِ صُبْحًا ". والمُغيرة مُفعِلة من الغارة، وكان أصله مُغْيِرة، الغين ساكنة والياء مكسورة، فقلبوا كسرة الياء على الغين وكسروا الغين وأسكنوا الياء. ويقال: أغار الرجلُ على القوم يُغِير أغارةً، والاسم الغارة وموضع الغارة مُغار، إذا اشتققته من أغار يغير. قال الشاعر:
أضَمْرَ بن ضَمرة ماذا ذكر ... تَ من صِرمةٍ أُخِذت بالمُغارِ
ويقال: أغَرت الحبلَ أُغِيره إغارةً، إذا شددتَ فَتْله. قال الشاعر:
كأن سَرَاتَه مَسَدٌ مُغارُ
ويقال: غِرتُ أهلي أَغِيرهم غِيرةً، إذا مِرتَهم من المِيرة. قال الهذلي:
ماذا يَغِيرُ ابنَتيْ رِيعٍ عويلُهما ... لا يرقُدان ولا بُؤسَى لمن رقدا
1 / 17
أي ما ينفعُهما من العويل؟ وقال بعضُ العرب لأمِّه وقد مات أبوه فبكته أمُّه وكان له إخوةٌ:
هل تَفقِدين من أبينا غَيرَه ... هل تَفقِدينَ خَيره ومَيرَهْ
أراكِ ما تبكين إلاَّ أيره
والغائرة: نِصفُ النهار. يقال غَوَّرنا بموضعِ كذا وكذا، أي قِلنْا به. وقال الأصمعي: تقول العرب: غَوَّرُوا بنا فقد أرمَضْتُمونا.
والغار: كهفٌ في الجبل. والغُوَير: موضعٌ معروف. ومثلٌ من أمثالهم: " عَسَى الغُوَيرُ أبؤسًا "، أي بِناحيته بُؤس. والمثل للزّبّاء. وغار الماء يَغُور غَورًا، إذا نَضَب. وغال النّجمُ غَورًا، إذا غاب. وغارت العينُ غُؤورًا من الهُزَال والتّعَب. قال الراجز:
كأن عينَيهِ من الغُؤور ... قَلْتان في صَفْحِ صفًَا منقورِ
أذاكَ أم حَوجلتا قارورِ
الغؤور: أسفل القارورة. وفي التنزيل: " أرَأَيْتُمْ إنْ أصْبَحَ ماؤُكُم غَورًا ". وغارت المرأةُ على زَوجها تَغار غَيرةً بفتح الغين، فهي غائر. وغارَ الرّجُل في غَور تِهامةَ، إذا دخَله. ولا يقال أغار فإنه خطأ. قال الأعشى:
نَبِيٌّ يَرَى ما لا تَرونَ وذكره ... لعمريّ غارَ في البلاد وأنْجَدا
ومن روى: أغار لَعمرِي فقد لَحَ، وأخطأ. والغِيَر: إعطاء دية
1 / 18
القتيل. قال الشاعر:
لنضربنَّ بأيدينا رءوسكم ... بين فُعَالة حتَّى تَقبلوا الغِيرَا
أي الدِّية. وبنو غِيرَة: بطنٌ من ثَقيف. يقال: رجلٌ غيرانُ من الغَيرة، إذا غار على امرأته، وامرأةٌ غَيرى. وفي حديث علي صلوات الله عليه، أن امرأةً قالت له: إنَّ زوجي زَنا بجاريتي. فقال لها: " إنْ كنتِ صادقةً رجمناه، وإن كنتِ كاذبة حَدَدناك " فقالت: ردُّوني إلى أهلي غَيْرَى نَغِرَة. أي يغلي جوفُها كما تغلِي القدر، نَغِر ينَغَر نغَرًا. وفي هذا الحديث من الفقه أنه لم يحدَّها إذْ رجَعت عن الافتراءِ على ما قَرفَت به زوجَها وتَرَكها لمَّا نكصَت.
ابن قُصَيّ
وقصَيٌّ: تصغير قاصٍ، واسمه زيد، وإنَّما سمِّي قصيًَّا لأنه قَصَا عن قومه فكان في بني عُذْرةَ مع أخيه لأمِّه. يقال قصا الرّجُل يقصو قَصْوًا. والنّاحية القُصوَى والقاصيةُ واحدٌ، وهي البعيدة. ويقال بقَصَاهم، أي ناحيتهم القاصية. والقَصَا، يمدُّ ويُقصَر. وأنشدوا بيت بشر بن أبي خازم:
فحاطونا القَصَاءَ وقد رأونا ... قريبًا حيثُ يُستمَع السِّرارُ
وأنشد أيضًا:
فحاطونا القَصَا ولد رأونا
ويقال شاةٌ قَصْواء، وكذلك الناقة إذا قُطِع طرفُ أذُنِها. ولم يقولوا جملٌ أقصى ولا كبشٌ أقصى، وقالوا: جمل مقصوٌّ، تركوا القياس. وكانت ناقة النبي
1 / 19
ﷺ تسمَّى القَصْواء فزعم قومٌ أنه اسمٌ لها ولم تكن قصواء، وقال قوم: بل كانت قَصواء.
واسم قصيٍّ زيد. وقالوا: مكانٌ قصِيٌّ، أي بعيد. وفي التنزيل: " مَكَانًا قَصِيَّا " فكأنه فعيل مشتقّ من فاعل. وزيد مصدرُ زادَ الشيء يزيد زيدًا. قال الشاعر:
وأنتمُ معشرٌ زَيْدٌ على مائةٍ ... فأجمِعُوا كيدَكم طُرًّا فكيدُونِي
وقد سمَّت العرب زيدًا، وزيدَ اللاَّتِ وزيادًا. وبنو زيادٍ: بطنٌ من الأزد. وسمَّت مَزْيَد. وزائدةُ: صَنَم. ويقال: زدت الرّجلَ أزيده زيدًا. وزيادة الكَبِد معروفة. وزوائد الفرس: داءٌ يصيبه في عصبه.
بن كلاب
وكلابٌ مصدر كالبتُه مكالبةً وكِلابًا. وبنو كلابٍ: قبيلةٌ عظيمة من العرب. وكلبٌ: حيٌّ عظيم من قضاعة، وكُلّيب: بطنٌ من بني تميم. وأكلُبٌ: بطنٌ من خثعم. وبنو الكَلبة: بطن من بكر بن وائل. والكلبة: امرأةٌ من بني تميم، لقَّبت بذلك لسوء خُلُقها. والكَلاب: صاحب الكلاب. والكليب: جمع الكِلاب، يقال كَليب وكِلاب. وأنشدني:
والعيسُ ينهضْنَ بكِيرانِنا ... كأنّما ينهشُهُنَّ الكليبُ
جمع كُور، وهو الرَّحْل. وفي الأزد من اليَحْمَد بنو كلبٍ وبنو كُليبٍ أيضًا. والكَلَب: داءٌ يصيب النّاسَ والإبلَ شبيهٌ بالجنون. وكانت العربُ في الجاهليَّة إذا أَصاب الرَّجلَ الكَلَبُ قطروا له دمَ رجلٍ من بني ماء السماء، وهو عامر بن ثَعلبةَ الأزديّ، فَيُسقَى فكان يُشْفَى منه. قال الشاعر:
1 / 20
دماؤهمُ من الكَلَب الشِّفاءُ
والكلْب: المِسمار في قائم السَّيف. والكلبانِ: نجمانِ يطلُعان عند اشتداد البرد. والكَلْب: كلْب الجوزاء، نجن معروف. والكُلاَب: موضعٌ بالدَّهناء بين اليمامة والبَصرة، كانت فيه وقعتان، إحداهما بين ملوك كِندةَ الإخوة، والأخرى بين بني الحارث وبين بني تميم، يَذكُر ذلك أبو عبيدةَ في كتاب الأيَّام. وهما كُلابانِ: الكُلاب الأوَّل، والكلاب الثاني. وأسيرٌ مكلَّبٌ، زعموا أنه مقولب عن مكبَّل. والكُلْبة: أن يقصر السَّير على الخارزة فتُدخِلَ في الثَّقب سيرًا مثنيًّا ثم تردَّ رأسَ السّير الناقصَ فيه ثم تخرجه. قال الرَّاجز:
كأنَّ غَرَّ متنِه إذ نجنْبه ... سَيرُ صناعٍ في خَرِبزٍ تكلُبُه
والمكلِّب: الصَّائد بالكلاب. قال الشاعر:
ضِراءٌ أحَسَّتْ نَبْأَةَ من مكلِّبِ
والكَلْب وقالوا: الكَلِب: فرس عامر بن الطُّفَيل. والرجل الكَلِب: الذي أصابَه الكَلب. قال الشاعر:
يومَ الحُلَيسِ بذي الفَقَارِ كأنَّه ... كَلِبٌ بضربِ جماجمٍ ورقابِ
والكلْب: مسمارٌ في الرَّحل. ورأس الكلب: جبلٌ أو ثنيَّة. قال الأعشَى:
ورَفَّع الآلُ رأس الكلبِ فارتفعا
1 / 21
ودعا النبي ﷺ على عُتبة بن أبي لهبٍ فقال: " اللهمَّ سلِّطْ عليه كلبًا من كلابك! "، فأكله الأسد.
وأهلُ الحجاز يسمُّون الجَرِيَّ الذي يُخاصِم الناس مُكالِبًا. وكَلْبتَا الحدِّاد وغيره معروفتان. فإذا ثنَّيت قلت: ذاتا كلبتين، وإذا جمعت قلت: ذاوات كلبتَين. وكلَبْت البعيرَ وهو مكلوبٌ، إذا جمعتَ زمامَه وجررَه بخيطٍ وأمُّ كلبةَ: الحمَّى، قال النبي ﷺ لزيد الخيل: " أبْرَحَ فتًى إنْ نَجَا من أمِّ كلبة! "، فحُمّ بخيبر فمات.
ابن مُرَّة
ومُرّة: اسم شجرةٍ. والمُرار أيضًا: شجرٌ، الواحدة مُرارة. وآكل المُرارِ لقبُ ملكٍ من مُلوك كِندة، وهو الحارثُ جدُّ أبي امرئ القيس ابن حجر، يُسمُّون أولادَه بني آكلِ المُرار. والمُرُّ: خلاف الحُلو. والمِرَّة:
1 / 22