واعلم أن قولنا: إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه - المراد إلى الواقعة التي أخبر بوقوعها، سواء: كانت بعينها مضمون خبرهم، ويسمى الخبر - حينئذ - متواترا تواترا لفظيا أو قدرا مشتركا بين أخبارهم ويسمى حينئذ متواتر تواترا معنويا كما إذا [أخبر واحد] عن حاتم، أنه أعطى دينارا وآخر أنه أعطى فرسا، [وآخر أنه أعطى فقيرا كذا وكذا] فقد اتفقوا على معنى كلي، وهو الإعطاء. ولذا قلنا في "بغية الآمل":
واللفظ لا يختص بالتواتر ... بل جاء في المعنى كإقدام الوصي
كرم ربي ذلك الوجه الرضي، وذلك ما ثبت من الروايات المتكاثرة بأنه قتل يوم بدر كذا، ويوم خيبر كذا، ويوم أحد كذا، وبأنه لا يعلم أنه فر عن زحف من الزحوف وهذه دلالة قطعية بأنه شجاع. وقد ذكر الأئمة أن أكثر الأحاديث النبوية التي تواترت من القسم الثاني، والأقل من القسم الأول، وعد منه حديث: "من كذب علي متعمدا" رواه من الصحابة نحو مائة، وقيل: مائتين وحديث: "تقتلك يا عمار الفئة الباغية"، قال الذهبي - في ترجمة عمار من النبلاء -: "حديث متواتر" قال الحافظ ابن حجر: "ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل لعلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط، أفاد العلم اليقيني بصحة نسبته إلى قائله. ومثل ذلك في الكتب المشهور كثير" انتهى قال السخاوي: "ذكر شيخنا [يريد ابن حجر] الأحاديث التي وصفت بالتواتر: حديث الشفاعة، والحوض فإن عدد رواتهما من الصحابة
1 / 198