اصباح علی مصباح
الإصباح على المصباح
اصناف
ومنهم من قال: بدخول الفاسق النار إلا أن الطاعات التي صدرت منه ترد عقابه من الدوام إلى الانقطاع، وهذا قول الخالدي وأتباعه.
ومنهم من قال: بالوقف ومال إليه لتعارض آيات الوعد والوعيد، وعدم المرجح لحمل أحدهما على الآخر، وعدم العلم بالمخصص منهما فالوقف حينئذ هو الواجب وهذا قول أبي حنيفة وغيره .
ومنهم من توقف في دخولهم النار، وإذا قدر دخولهم قطع بخروجهم.
ومنهم من قطع بدخولهم وتوقف في خروجهم.
ومنهم من جوز دخولهم النار وعدمه، وجوز إن دخلوا خروجهم وخلودهم، وهذا هو مذهب المرجئة الخلص ومذهبهم هو الإرجاء الحقيقي، وبه قال أبو القاسم البستي وكثير من المرجئة، وإليه ذهب جملة أهل الإرجاء من العدلية.
وقال الغزالي: بل المرجئة الخالصة هم القاطعون بأن الفساق لا يعذبون ولا يدخلون.
هكذا حقق الحكاية لمذهبهم الإمام عزالدين -عليه السلام- في المعراج مع شيء من الاختصار.
(والدليل) لنا (على ذلك)، وهو تخليد الفساق في النار الكتاب والسنة، أما الكتاب: ف(قوله تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا})[الجن:23] فوعد الله سبحانه كل عاص على سبيل العموم بالخلود في النار أبدا.
(والخلود هو الدوام) في لغة العرب، وكذلك التأبيد وإن استعمل في غير ذلك فعلى سبيل المجاز، والخلاف في ذلك مكابرة.
قالوا: سياق الآية في الكفار بدليل قوله: {حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا}[الجن: 24].
قلنا: خصوص آخر الآية لا يمنع من عموم أولها، فلا يلزم إذا كان آخر الآية وهو قوله: {حتى إذا رأوا} محمولا على الكفار وخاصا بهم أن يخص أول الآية، بل يجب ترك أولها على عمومه، وحمل آخرها على ما يصح حمله عليه.
صفحہ 94