اعلم: أن من ألف مؤلفا ينبغي له أن يقدم مقدمة تعين الطالب، ويكون بها على بصيرة، وبعضهم يذكر فيها تعريف العلم وموضوعه وغايته واستمداده وحكمه، وبعضهم يقتصر على الحد، ونحن نذكر تعريفه واستمداده والغرض منه وفائدته.
أما تعريفه: فهو علم يعرف به كيفية الاستدلال على واجب الذات وما له من الصفات.
واستمداده من العقل بواسطة النظر في الآثار من أدلة الأنفس والآفاق، كما قال تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم}[فصلت:53] وكذلك النظر في كتاب الله عزوجل، وما صح عن رسوله كما جاء في الحديث المرفوع: ((من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله والتدبر لكتاب الله والتفهم لسنتي زالت الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال مال به الرجال من يمين إلى شمال وكان من دين الله على أعظم زوال)) والغرض منه الفوز بالسعادات الباقيات الدائمات.
وفائدته: التمسك بأصل عرى الإيمان لمعرفة الملك الديان، وهو العلم به، وما يجب له ويجوز عليه، وما يتوسط في أثناء ذلك من الزيادات لرابطة ما.
ثم اعلم: أن كل علم يشرف بشرف معلومه، ويعظم نفعه بحسب الحاجة إلى مفهومه، فمن هنا كان علم التوحيد رأس العلوم؛ لأن معلومه الله الحي القيوم، ولأن به يتميز الكفر من الإيمان، وعليه يدور رحى الحق في كل زمان، وقد حكم بوجوبه وجلالته العقل، وجاء بتأكيد ذلك القول الفصل، قال تعالى: {فاعلم أنه لا إله إلا الله}[محمد:19] وقال: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط}[آل عمران:81] وإنما تكون الشهادة عن يقين، وأهل الأصول هم المعنيون بهذه الآية المخصوصون بشرفها، ورد عنه : ((ما جزاء من أنعم الله عليه بالتوحيد إلا الجنة)) رواه الإمام عزالدين -عليه السلام-.
صفحہ 12