الاصابة في تمييز الصحابة
الاصابة في تمييز الصحابة
تحقیق کنندہ
عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1415 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
تراجم و طبقات
«وأرسلت إلى النّاس كافّة»،
قلنا: لو كان هذا حديثا واحدا كنا نقول: لعلّ هذا اختلاف من الرّواة، ولكن الّذي ينبغي أن يقال: إنهما حديثان، لأن حديث مسلم من رواية أبي هريرة، وفيه ست خصال، وحديث البخاريّ من رواية جابر وفيه خمس خصال.
والظّاهر أنّ النّبي ﷺ قالهما في وقتين، وفي حديث مسلم زيادة في عدة الخصال، وفي سنن المرسل إليهم فيجب إثباتها زيادة على حديث جابر، وليس بنا ضرورة إلى حمل أحد الحديثين على الآخر إذ لا منافاة بينهما، بل هما حديثان مختلفا المخرج والمعنى، وإن كان بينهما اشتراك في أكثر الأشياء، وخرج كل من صاحبي الصّحيحين واحدا منها ولم يذكر الآخر.
فهذا الحديث الّذي ذكرناه عن مسلم واستدللنا به أصرح الأحاديث الصحيحة الدالة على شمول الرّسالة للجنّ والإنس.
ومن الأدلّة أيضا أن النّبي ﷺ خاتم النبيين وشريعته آخر الشرائع وناسخة لكل شريعة قبلها، ولا شريعة باقية الآن غير شريعته، ولذلك إذا نزل عيسى ابن مريم ﷺ إنّما يحكم بشريعة محمّد ﷺ فلو لم يكن الجن مكلفين بها لكانوا إمّا مكلفين بشريعة غيرها، وهو خلاف ما تقرّر، وإمّا ألّا يكونوا مكلّفين أصلا، ولم يقل أحد بذلك، ولا يمكن القول به، لأن القرآن كله مليء بتكليفهم، قال تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وقال قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ إلى غير ذلك من الآيات، ودخولهم النار دليل على تكليفهم، وهذا أوضح من أن يقام عليه دليل، فإن تكليفهم معلوم من الشرع بالضرورة، وتكليفهم بغير هذه الشّريعة يستلزم بقاء شريعة معها، فثبت أنّهم مكلّفون بهذه الشريعة كالإنس [(١)] .
وقال ابن حزم الظّاهريّ:
قد أعلمنا اللَّه أن نفرا من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي ﷺ ففيهم صحابة فضلاء. هذا واللَّه تعالى أعلى وأعلم.
_________
[(١١)] / ٤٣٢ والبخاري في التاريخ الكبير ٤/ ١١٤، ٥/ ٤٥٥ وذكره المنذري في الترغيب ٤/ ٤٣٣- والهيثمي في الزوائد ٨/ ٦١، ٦٢ والهندي في كنز العمال حديث رقم ٣١٩٣٠، ٣٢٠٥٩، ٣٢٠٦٠، ٣٢٠٦١، ٣٢٠٦٢.
[(١)] انظر فتاوى السبكي ٢/ ٥٩٤ وما بعدها بتصرف.
1 / 14