الاصابة في تمييز الصحابة
الاصابة في تمييز الصحابة
تحقیق کنندہ
عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
1415 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
تراجم و طبقات
الصّحابة والفقه
الصّحابة رضوان اللَّه عليهم كانوا يسألون عما يقع لهم من الحوادث، وحكم اللَّه فيها، يتوجّهون بالسؤال إلى النّبيّ ﷺ فيفتيهم تارة بالآية أو الآيات ينزل الوحي بها عليه وتارة عند ما لا يسعفه الوحي يفتيهم باجتهاده.
وعند ما لا يتيسّر لهم سؤال الرّسول ﷺ يسأل الصّحابة بعضهم بعضا فيما يعنّ لهم من أمور وما يشكل عليهم من حوادث، علّه يعرف في الواقعة حكما لم يعرفه، فهم ليسوا سواء في العلم والفقه، فقد كان علم التّيمّم عند عمّار وغيره ولم يعلمه عمر، وكان حكم المسح عند عليّ وحذيفة ولم تعلمه عائشة وابن عمر وأبو هريرة.
والنّاس في البلاد البعيدة عن المدينة يسألون الصحابة الموفدين إليهم من قبل الرّسول ﷺ فيما يعرض لهم من أمور.
وبعد أن ألحق النّبي ﷺ بالرفيق الأعلى، وانتقلت السّلطة التّشريعية إلى الخلفاء الرّاشدين وإلى كبار الصّحابة من بعده، بدأ الفقه يظهر بوضوح: ويأخذ في الظهور شيئا فشيئا، ذلك أن الفتوحات الإسلامية انتشرت وامتدت رقعة البلاد شرقا وغربا، وانتقل إلى هذه البلاد المفتوحة الصّحابة يحكمون ويقضون، ويفتون على وفق ما يفهمون من كتاب اللَّه وسنة رسوله ﷺ فإن لم يجدوا في كتاب اللَّه ولا في سنّة رسول اللَّه ﷺ ما يسعفهم فيما يسألون عنه أعملوا رأيهم واجتهدوا وحاولوا الوصول إلى حكم اللَّه في المسائل التي تعرض عليهم ملبّين رغبات الناس وأهل البلاد المفتوحة، واتّسعت صدورهم ولم يتقيّدوا بقيود في المصلحة الواجب مراعاتها، وقبلوا من غير تفكير طويل الأمور الغريبة عنهم ما دام لا يوجد ضدّها اعتراض ديني أو خلقي أو واقعة فقهية حصلت، وبهذا كان اجتهادهم فسيحا متّسعا لحاجات النّاس ومصالحهم، وكانت حريّة هذا الاجتهاد كفيلة بالتّقنين والتّشريع لكل معاملاتهم وحاجاتهم، ومن هنا أخذ الفقه يتطور حثيثا، ويخطو خطوات سريعة نحو التقدّم والازدهار.
1 / 53