Irwa' al-Ghalil fi Takhrij Ahadith Manar al-Sabil
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل
ناشر
المكتب الإسلامي
ایڈیشن نمبر
الثانية ١٤٠٥ هـ
اشاعت کا سال
١٩٨٥م
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
ـ[إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل]ـ
المؤلف: محمد ناصر الدين الألباني (المتوفى: ١٤٢٠هـ)
إشراف: زهير الشاويش
الناشر: المكتب الإسلامي - بيروت
الطبعة: الثانية ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥م
عدد الأجزاء: ٩ (٨ ومجلد للفهارس)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
_________
(تنبيه):
- تم إضافة كتاب: «التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل» لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله-، وذلك في مواضعه الملائمة من هامش الكتاب، وكذا إضافة بعض الاستدراكات المهمة وتخريجات لأحاديث لم يعثر عليها الشيخ ولا صاحب التكميل
- الأرقام بين الهلالين () هي حواشي المطبوع، أما الأرقام بين معكوفين []، فهي لمُعِدّ نسخة الشاملة
- الكلام الموجود بين هذه الأقواس ﴿﴾ غير موجود في الأصل وإنما تم وضعه ليستقيم الكلام.
نامعلوم صفحہ
[مقدمات]
مقدمة الناشر الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
أما بعد، فقد تم توزيع الطبعة الأولى من هذا الكتاب، ولاقت من أهل العلم والفضل من القراء الكرام كل ترحيب وثناء.
وأقدمه الآن للطبع للمرة الثانية، وكنت أرجو أن يكون الاتصال ممكنا مع استاذنا الشيخ ناصر الدين لنضيف إليه ما قد يكون جد عنده، غير أن ذلك تعذر، فنحن في لبنان بظروف احتلال وحصار، وهو في الأردن، ولا سبيل للاتصال بالتقابل أو البريد بوجه من الوجوه.
لذلك قمت بمراجعة الكتاب، وإصلاح ما صح عندي أنه خطأ مطبعي يقينا. وقد أشرت في بعض المواضع إلى ذلك مخافة أن يكون عملي مجانبا للصواب.
والله أسال أن يحسن مثوبة المؤلف، وكل من أعان على نشر سنة محمد ﷺ، وأن يفرج عن البلاد والعباد، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.
بيروت ١٠ جمادى الآخرة ١٤٠٥
زهير الشاويش
1 / 3
مقدمة الناشر
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمد ونستعينه، ونصلي ونسلم على محمد وآله وصحبه.
أما بعد، فإنني أحمد الله على فضله وإحسانه إذ يسر لي نشر هذا الكتاب القيم، الذي سبق وأعلنت عن قرب صدوره منذ سنوات قاربت العشرين، غير أن الله جلت حكمته قدر غير ذلك، إذ حالت الظروف القاهرة بيننا وبين ما نريد حتى اليوم، وقدر الله وما شاء فعل.
ولا بد لي من تقديم الشكر لأستاذي الشيخ محمد ناصر الدين الألباني على استجابته لتأليفه وتخريج أحاديثه التي قاربت الثلاثة آلاف حديث، هذا التخريج العلمي الذي قل أن تجد له نظيرا، فجزاه الله كل خير.
وكذلك الشكر للعلماء الأفاضل الذين شاركوا في الرغبة في تخريجه، ومنهم أستاذي الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع، والشيخ محمد نصيف، وسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز، وفضيلة الشيخ عبد الله بن زيد المحمود، والأخ الشيخ عبد الله بن تركي، وغيرهم من أهل الفضل والعلم والاهتمام بحديث رسول الله، وتنقية الفقه من الدخيل والمكذوب.
وإن الذين كتبوا إلي وإلى الشيخ ناصر الدين أكثر من أن تحصيهم هذه العجالة، وما ذكرت من ذكرت إلا على سبيل المثال، جزى الله الجميع الخير.
وبما أنه لا بد لي من رد الفضل إلى أهله، فإني أذكر أن فكرة الكتاب أول ما كانت في حديث ضم بعض أهل العلم في داري بدمشق، ومنهم الأفاضل الشيخ محمد بهجة البيطار، والشيخ مصطفى السباعي رحمهما الله، والأستاذ
1 / 5
عصام العطار حفظه الله. بعد طبع منار السبيل مباشرة، وكان محل إعجابهم، غير أنهم لاحظوا حاجة الكتاب إلى التخريج، ثم حدث لقاء مع المحسن الشيخ قاسم الدرويش، فذكر له الأستاذ عصام هذا الرأي. فقال: وهذا أيضا رأي الشيخ ابن مانع. وهذا لو تم التخريج.
ومن هنا أجمعت الرأي، وفاتحت الشيخ محمد ناصر الدين واتفقت وإياه على هذا العمل الذي أمضى به الزمن الطويل، وأودعه علمه الغزير، وعطل من أجله الكثير من مشاريعه التي كان يعمل بها.
ولم يتوقف عنه - فيما أعلم - إلا عندما دعي من قبل موسوعة الفقه الإسلامي في الجامعة السورية بدمشق لاستخراج الأحاديث على الصورة التي كان يريد الأستاذ السباعي إخراج الموسوعة بها، والتي قدر الله تحويلها عن قصدها بعد مرضه، وإيقافها بعد وفاته.
وقد أعانني على مقابلة تجاربه عدد من الأخوة الأكارم في قسم التصحيح في المكتب الإسلامي ببيروت ودمشق، والأخ الشيخ عيد العباسي، شكر الله لهم جزاء ما قدموه من جهد.
هذا وإنني استخرت الله في إلحاق منار السبيل في شرح الدليل بهذه الطبعة من الإرواء، وعمل جزء فيه فهرس هجائي للأحاديث مع بيان درجته مع رقم الحديث والصفحة التي فيها الحديث الإرواء والمنار وفهرسا للأعلام.
وهذا كله مما ييسر الأمر على المراجع. والله أسأل أن ينفع به، وسبحانك اللهم وبحمدك، والصلاة والسلام على خيرة خلقك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بيروت ١٠ شعبان ١٣٩٩
زهير الشاويش
1 / 6
مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأنتمْ مُسْلِمُونَ﴾، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ .
أما بعد، فهذا كتابنا إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، نقدمه اليوم إلى قرائنا الكرام بعد أن كثر السؤال عنه، وألح بطبعه كثير من أهل العلم والفضل في مختلف البلاد الإسلامية، كلما جاء ذكره، أو بلغهم اسمه. وقد كنت فرغت من تخريجي منذ أكثر من خمسة عشر عاما، ولذلك جريت على الإحالة عليه في تخريج بعض
1 / 7
الأحاديث في كثير من مؤلفاتي المطبوعة منها والمخطوطة، سواء ما كنت قد سلكت في تخريجه مسلك البسط، أو التوسط، أو الإيجاز، أوالاكتفاء بذكر مرتبة الحديث فقط، مثل الأحاديث الصحيحة (١) . والأحاديث الضعيفة (٢)، وغاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام (٣) وظلال الجنة في تخريج كتاب السنة، والتعليق الرغيب على الترغيب والترهيب (٤)، ومثل بعض الرسائل الصغيرة نحو الكلم الطيب، والتوسل: أنواعه وأحكامه، والآيات البينات في عدم سماع الأموات على مذهب الحنفية السادات وغيرها.
ولذلك فإنه كان من الضروري إخراجه إلى عالم المطبوعات منذ سنين، تيسيرا علي في المراجعة عند الإحالة أولا، واستجابة لرغبة أهل العلم وإفادتهم ثانيا.
ومع أن الفضل في تأليفه يعود إلى الأخ الفاضل الأستاذ محمد زهير الشاويش، وكان حريصا على نشره على الناس، إلا أنه حال بينه وبين ذلك أسباب منها اضطراره إلى الخروج من سورية، ثم من لبنان لمدة طويلة، وأخيرا الوضع المضطرب في بيروت منذ بضع سنوات.
والآن وقد استقرت الأوضاع بعض الشيء وتيسرت له سبل الطباعة، فقد بادر - جزاه الله خيرا - إلى إخراجه إلى عالم المطبوعات، فضم بذلك فضلا إلى فضل، أتم الله علينا وعليه نعمه ظاهرة وباطنة.
ثم إن الباعث على هذا التخريج كان أمورا أذكر أهمها:
الأول: أن أصله: منار السبيل.... هو من أمهات كتب مذهب الإمام أحمد إمام السنة، الذي جمع من الأحاديث مادة غزيرة، قلما تتوفر في كتاب فقهي آخر في مثل حجمه - إذ هو جزءان فقط - حتى بلغ عددها ثلاثة آلاف حديث أو زادت، جلها مرفوعة إلى النبي ﷺ.
_________
(١) طبع منه المجلد الأول والثاني والثالث.
(٢) طبع منه المجلد الأول والثاني
(٣) طبع والحمد لله.
(٤) ثم صيرت كتاب الترغيب كتابين: صحيح الترغيب والترهيب وضعيف الترغيب والترهبب وقد طبع الأول من الصحيح.
1 / 8
الثاني: أنه لا يوجد بين أيدي أهل العلم وطلابه كتاب مطبوع في تخريج كتاب في الفقه الحنبلي كما للمذاهب الأخرى، خذ مثلا كتاب نصب الراية لأحاديث الهداية (١) في الفقه الحنفي، للحافظ جمال الدين الزيلعي، وتلخيص ابن حجر العسقلاني، فرأيت أن من واجبي تجاه إمام السنة، ومن حقه علي أن أقوم بخدمة متواضعة لمذهبه وفقهه، رحمه الله تعالى، وذلك بتخريج هذا الكتاب.
الثالث: أنني توخيت بذلك أن أكون عونا لطلاب العلم والفقه عامة، والحنابلة منهم خاصة، الذين هم - فيما علمت - أقرب الناس إلى السنة على السلوك معنا في طريق الاستقلال الفكري الذي يعرف اليوم ب الفقه المقارن، هذا الفقه الذي لا يعطيه حقه - اليوم - أكثر الباحثين فيه، والمدرسين لمادته في كليات الشريعة المعروفة الآن، فإن من حقه أن لا يستدل فيه بحديث ضعيف لا تقوم به حجة. فترى أحدهم، يعرض لمسألة من مسائله، ويسوق الأقوال المتناقضة فيه، ثم لا يذكر أدلتها التفصيلية، فإذا كان فيها شيء من الأحاديث النبوية حشرها حشرا، دون أن يبين ويميز صحيحها من حسنها، بل ولا قويها من ضعيفها، فيكون من نتيجة ذلك وآثاره السيئة أن تتبلبل أفكار الطلاب وتضطرب آراؤهم في ترجيح قول على قول آخر، ويكون عاقبة ذلك أن يتمكن من قلوبهم الخطأ الشائع: أن الحق يتعدد (٢) بل صرح بعضهم أخيرا فقال: إن هذه الأقوال المتعارضة كلها شرع الله! وأن يزدادوا تمسكا بالحديث الباطل: "اختلاف أمتي رحمة (٣) " وقد تتغلب العصبية المذهبية على أحدهم، وقد يكون هو أستاذ المادة نفسه فيرجح من تلك الأقوال الموافق لمذهبه، وينتصر له بحديث من تلك الأحاديث، وهو لا يدري أنه حديث ضعيف عند أهل الحديث، ونقاده، والمنهج العلمي الصحيح يوجب عليه أن يجري عملية تضعيفه بين تلك الأحاديث المتعارضة، المستدل بها للأقوال المتناقضة، فما كان منها ضعيفا لا تقوم به حجة، تركت جانبا، ولم يجز المعارضة بها، وما كان منها صحيحا أو ثابتا جمع بينها بوجه من وجوه التوفيق المعروفة في علم أصول الفقه وأصول الحديث، وقد أوصلها الحافظ العراقي في حاشيته على علوم الحديث لابن الصلاح إلى أكثر من مائة وجه.
_________
(١) وهو من مطبوعات المكتب الاسلامي.
(٢) انظر مقدمة كتابي صفة صلاة النبي ﷺ.
(٣) انظر كتابي سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة رقم ٥٧.
1 / 9
الرابع: أن لمثل هذا التخريج العلمي علاقة وثقى بما اصطلحت على تسميته ب التصفية، وأعني بها أن النهضة الإسلامية المرجوة لا يمكن أن تقوم إلا على أساس تصفية الإسلام مما دخل فيه على مر القرون، ومن ذلك الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وبخاصة ما كان منها في كتب الفقه، وقد أقيمت عليها أحكام شرعية، فإن تصفية هذه الكتب من تلك الأحاديث مع كونه واجبا دينيا، لكي لا يقول المسلم على نبيه ﷺ ما لم يقله أو ما لا علم له به، فهو من أقوى الأسباب التي تساعد المسلمين المختلفين على التقارب الفكري، ونبذ التعصب المذهبي.
الخامس: أننا - بمثل هذا التخريج والتصفية - نسد الطريق على بعض المبتدعة الضالة الجهلة، الذين يحاربون الأحاديث النبوية وينكرون حجية السنة، ويزعمون أن الإسلام ليس هو إلا القرآن! ويسمون في بعض البلاد القرآنيين. وليسوا من القرآن في شيء (١) .
ويلبسون على الجهال بقولهم: إن السنة غير محفوظة، وإن بعضها ينقض بعضا، ويأتون على ذلك ببعض الأمثلة، منها حديث: "خذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء"، يعني عائشة (٢) ثم يعارضون به قوله ﷺ في النساء "أنهن ناقصات عقل ودين" (٣) ويقولون: أنظروا كيف يصف النساء بالنقص في هذا الحديث ثم يأمر بأخذ شطر الدين من عائشة، وهي متهمة في النقص! فإذا ما علم المسلم المتبصر في دينه أن الحديث الأول موضوع مكذوب على رسول الله ﷺ، والحديث الآخر صحيح زال التعارض المزعوم أولا، لأنه لا يصح في عقل عاقل - غير مجنون - معارضة الحديث الصحيح بالموضوع، وانكشف تلبيسهم وجهلهم وضلالهم. ثم إذا رجع إلى الحديث الآخر الصحيح ثانيا وأخذه بتمامه من مصدره الموثوق به، يتبين له أن النقص المذكور ليس إطلاقه كما يتعمد الدجالون أن يوهموا الناس وإسقاطا منهم للسنة من قلوبهم زعموا، وإنما هو أن المرأة لا تصلي ولا تصوم وهي حائض، وأن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، كما جاء تفسيره في الحديث نفسه في صحيح البخاري وغيره. وهذا هو الشأن على الغالب بين
_________
(١) انظر رسالتي منزلة السنة في الاسلام وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن
(٢) حديث موضوع، انظر المنار المنيف للعلامة ابن القيم.
(٣) رواه البخاري ١/٣٤٦ - رقم ٧٢٥ من هذا المختصر.
1 / 10
الأحاديث الضعيفة والصحيحة، وطرق شياطين الإنس والجن لإضلال الناس كثيرة متنوعة، فهذا يضل بمثل حديث عائشة المذكور آنفا، وآخر بمثل الحديث المتقدم اختلاف أمتي رحمة.
من أجل كل ذلك كان هذا التخريج النافع إن شاء الله تعالى.
واعلم أن فن التخريج ليس غاية في نفسه عند المحققين من المحدثين، بحيث يقتصر أمره على أن نقول مخرج الحديث: أخرجه فلان وفلان و. - عن فلان عن النبي ﷺ، كما يفعله عامة المحدثين قديما وحديثا، بل لا بد أن يضم إلى ذلك بيانه لدرجة كونه ضعيفا، فإنه والحالة هذه لا بد له من أن تتبع طرقه وشواهده لعله يرتقي الحديث بها إلى مرتبة القوة، وهذا ما يعرف في علم الحديث بالحسن لغيره، أو الصحيح لغيره. وهذا في الحقيقة من أصعب أنواع علوم الحديث وأشقها، لأنه يتطلب سعة في الاطلاع على الأحاديث والأسانيد في بطون كتب الحديث مطبوعها ومخطوطها، ومعرفة جيدة بعلل الحديث وتراجم رجاله، أضف إلى ذلك دأبا وجلدا على البحث، فلا جرم أنه تقاعس عن القيام بذلك جماهير المحدثين قديما، والمشتغلين به حديثا وقليل ما هم.
على أنني أرى أنه لا يجوز في هذه الأيام الاقتصار على التخريج دون بيان المرتبة، لما فيه من إيهام عامة القراء الذين يستلزمون من التخريج القوة - أن الحديث ثابت على كل حال. وهذا مما لا يجوز، كما بينته في مقدمة: غاية المرام، فراجعه فإنه هام.
من أجل ذلك فإني قد جريت في هذا التخريج كغيره على بيان مرتبة كل حديث في أول السطر ثم اتبع ذلك بذكر من خرجه، ثم بالكلام على إسناده تصحيحا أو تضعيفا، وهذا إذا لم يكن في مخرجه الشيخان أو أحدهما، وإلا استغنيت بذلك عن الكلام، كما كنت بينته في مقدمتي لتخريج أحاديث شرح العقيدة الطحاوية، ومقدمتي على مختصر مسلم للمنذري. وقد لا يتيسر لي الوقوف على إسناد الحديث، وحينئذ أنقل ما وقفت عليه من تخريج وتحقيق لأهل العلم، أداء للأمانة، وتبرئة للذمة، ولكني في هذه الحالة أبيض للحديث على الغالب، فلا أذكر له مرتبة.
والله ﷾ أسال أن يسدد خطانا، وأن يحفظ علينا ما به من النعم
1 / 11
أولانا، وأن يغفر لنا ذنوبنا، ويصلح أعمالنا، ويخلص نوايانا وأن يعاملنا بفضله إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. بيروت غرة رجب ١٣٩٩.
وكتب
محمد ناصر الدين الألباني.
1 / 12
ترجمة المؤلف الشيخ إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان
بقلم الشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد
مع تتمتها بقلم الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع
نسبه:
هو من قبيلة آل زهير، وهم ينتسبون إلى قبيلة بني صخر القبيلة المشهورة ولد في بلد الرس في سنة ألف ومائتين وخمسة وسبعين، ونشأ بها وقرأ على علمائها ثم أنتقل إلى عدة بلدان لطلب العلم، حتى اشتهر بالعلم والفضل وفاق أقرانه، وكان متفننا في كثير من العلوم، وكان مع ذلك كاتبا مجيدا حسن الخط يضرب المثل بحسن خطه، وكان سريع الكتابة حتى انه كان يكتب الكراريس في المجلس الواحد وله مكتبة عظيمة غالبها بخط يده، وكان إليه المرجع في بلد الرس في الإفتاء والتدريس والنفع العام.
أخلاقه: كان سمحا متواضعا دمث الأخلاق رفيقا سهلا قريبا من كل أحد، وكان
1 / 13
إليه مرجع الفتوى في بلده لجميع الطبقات في ما يشكل عليهم من أمر دينهم، لسماحته ودماثة أخلاقه وسهولة جانبه وحرصه على النفع.
مشايخه:
١- منهم الشيخ عبد العزيز بن محمد بن مانع أحد قضاة عنيزة المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وسبع هجرية، وهو والد الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع المشهور بالعلم والفضل والذي له عدة مصنفات مشهورة وتنقل في المملكة العربية السعودية في عدة وظائف كرئاسة هيئة التمييز، وإدارة المعارف العامة مع التعليم في الحرم المكي إلى غير ذلك من الوظائف الهامة، والمترجم له قد رثى شيخه الشيخ عبد العزيز المحمد المانع بقصيدة طويلة مشهورة (١) .
٢ - ومن مشايخه أيضا الشيخ محمد بن عمر بن سليم المتوفى سنة ألف وثلاثمائة وثمانية هجرية.
٣ - ومن مشايخه الشيخ صالح بن فرناس بن عبد الرحمن بن فرناس المتوفى في يوم الاثنين من شهر ذي الحجة سنة ألف وثلاثمائة وستة وثلاثين والشيخ صالح كان قاضيا في بلد الرس مدة طويلة، وقبل ذلك كان قاضيا في القصيم، وللشيخ إبراهيم مشايخ غير هؤلاء.
تلاميذه:
١ - منهم الشيخ محمد بن عبد العزيز الرشيد قرأ عليه وكان إذ ذاك قاضيا في بلد الرس وقرأ عليه تلاميذ كثيرون لم يشتهروا.
_________
(١) تجدها في الصفحة ١٧ من هذه الترجمة.
1 / 14
مصنفاته:
كان له عدة مصنفات في مواضيع شتى تدل كل غزارة علمه وسعة اطلاعه وطول باعه.
١ - كان له إلمام تام في الأنساب حتى أنه كان المرجع في هذا الشأن وقد كتب رسالة في أنساب أهل نجد.
٢ - وكان له إلمام في التاريخ ومعرفة الحروب والوقائع، وقد كتب في هذا الموضوع رسالة مختصرة ابتدأها من سنة سبعمائة وخمسين إلى سنة ألف وثلاثمائة وتسعة عشر، واعتناؤه فيها بذكر الوفيات أكثر من اعتنائه بذكر الغزوات والوقائع.
٣ - وله أيضا معرفة في رجال الفقه الحنبلي وقد كتب في ذلك مصنفا سماه كشف النقاب في تراجم الأصحاب ابتدأ فيه بذكر ترجمة الإمام أحمد ابن حنبل ﵀.
٤ - وكان أيضا فقيها واسع الاطلاع في الفقه، وكثيرا ما سيءل بحضوري عن مسائل فقهية فيجيب من سأله بسرعة ويذكر الدليل والتعليل وقد صنف في الفقه عدة مصنفات.
منها شرح الدليل وقد سماه منار السبيل في شرح الدليل والحق أنه اسم طابق مسماه فقد أتى في هذا الكتاب بما يشفي العليل ويروي الغليل بعبارة سهلة واضحة، مع اعتنائه فيه بذكر الدليل والتعليل. وله أيضا حاشية على شرح الزاد رأيتها بخطه، وله كتب غير هذه.
1 / 15
ثم إن المذكور عمي في آخر عمره، فكان ملازما للمسجد في غالب أوقاته وكان زاهدا متقللا من الدنيا لم يشتغل بشيء من الأعمال الحكومية.
وفاته: توفى رحمه الله تعالى في سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وخمسين في ليلة عيد الفطر وكانت وفاته فجأة وصلي عليه بعد صلاة العيد وقد حضر جنازته جميع أهل البلد ومشوا معها وحزنوا على فراقه حزنا عظيما لماله في قلوبهم من المكانة العظيمة والمحبة الصادقة، لما اتصف به المذكور من أخلاق سامية، وحرص على النفع العام فرحمه الله رحمة واسعة. أنتهى
جمعها الفقير إلى الله: عبد العزيز الناصر الرشيد
1 / 16
تتمة الترجمة بقلم الشيخ العلامة محمد بن عبد العزيز بن مانع
هذه الترجمة المتقدمة قد وصلتنا مع شرح الدليل من الرياض، بقلم العالم الفاضل الشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد وقد كتب إلي أحد المشايخ هناك أنه سأل الشيخ عبد العزيز عن الشيخ محمد بن عمر بن سليم الذي ذكر أنه أحد مشايخ الشارح الشيخ إبراهيم بن ضويان فقال: مرادي بذلك أبا الشيخين عبد الله وعمر فحينئذ يكون شيخ الشيخ ابن ضويان، شيخنا العلامة الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم لم
القصيم في زمانه، وقاضي مدينة بريده وقد قرأت عليه في الحديث والفرائض والنحو وهو أخذ العلم عن الشيخ عبد الرحمن بن حسن (١) وابنه الشيخ عبد اللطيف (٢) والشيخ عبد الله أبي بطين جد والدي لأمه وأما القصيدة التي رثا بها والدنا وأشار إليها الشيخ عبد العزيز فهى:
على الحبر بحر العلم من كان باكيا ... هلم إلينا نسعدنه لياليا
سأبكي بكاء المشكلات لشجوها ... وأرسل دمعا كان في الجفن آنيا
على عالم حبر إمام سميدع (٣) ... عليم وذي فضل حليف المعاليا
يقضي بحل المشكلات نهاره ... وفي الليل قواما إذا كان خاليا
فضائله لا يحصر النظم عدها ... ويقصر عنها كل من كان راثيا
_________
(١) حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب المتوفى سنة ١٢٨٥
(٢) المتوفى سنة ١٢٩٣
(٣) السميدع: بفتح السين: السيد الموطأ الاكناف.
1 / 17
وثلمته يا صاح من ذا يسدها ... ونجم توارى بعد ما كان باديا
إمام على نهج الإمام ابن حنبل ... لقد كان مهديا وقد كان هاديا
عليم بفقه الأقدمين محقق ... وقد كان في فقه الأواخر راسيا
وقد حاز في علم الحديث محلة ... وللسلف الماضين قد كان قافيا
وفي كل فن فهو للسبق حائز ... وفي العلم مقدام حميد المساعيا
فلا نعمت عين تضن بمائها ... عليه ولا قلب من الحزن خاليا
فوا لهفا من فادح حل خطبه ... وحصن من الإسلام قد صار واهيا
لقد صابنا أمر من الحزن مفجع ... لدن جاءنا من كان للشيخ ناعيا
فجالت بنا الأشجان من كل جانب ... وأرق جفن العين صوت المناديا
بموت الفتى عبد العزيز بن مانع ... سلالة أمجاد تروم المعاليا
لقد كان بدرا يستضاء بضوئه ... فأضحى رهينا في المقابر ثاويا
فوا حزنا إن كان إلا بقية ... تخلف من بعد الهداة المواضيا
فسار على منهاجهم واقتفاهم ... على منهج التوحيد قد كان داعيا
لقد عاش بالدنيا على الأمر بالتقى ... وعن مؤبقات الإثم ما زال ناهيا
فيا أيها الإخوان لا تسأموا البكا ... على عالم قد كان في العلم ساميا
تغمده الرب الكريم بفضله ... ولا زال هطال من العفو هاميا
على قبره يهمي عشيا وبكرة ... وبوأه قصرا من الخلد عاليا
وصل إلهي كلما هبت الصبا ... وما أنهلت الجون الغداف العواديا
1 / 18
على المصطفى والآل والصحب كلهم ... وتابعهم والتابعين الهواديا
ثم إن هذا الشرح الجليل، من أحسن ما كتبه العلماء على متن الدليل، الذي اختصره العلامة الشيخ مرعي من متن المنتهى، فقد سلك فيه مؤلفه مسلكا جيدا مفيدا، فذكر عند كل مسألة دليلها أو تعليلها، وربما ذكر بعض الروايات القوية المخالفة لما اختاره الأصحاب، لحاجة الناس إليها، مع أن مسائل الدليل هي الراجحة في المذهب وعليها الفتوى. وقد عنى المتأخرون من الحنابلة بمتن الدليل، والكتابة عليه ما بين شرح وحاشية ونظم، وذلك لما عرفوه من غزارة علمه وكثرة فوائده.
فشرحه العلامة الشيخ عبد القادر التغلبي الشيباني (١) وشرحه في جزئين وهو مطبوع متداول مشهور، ولكنه يعوزه التحقيق وعلى هذا الشرح حاشية للشيخ عبد الغني اللبدي مفيدة جدا تحرر بها شرح التغلبي.
وشرحه الشيخ محمد بن أحمد السفاريني (٢) بشرح لم يكمل وشرحه إسماعيل الجراعي (٣) في مجلدين، وعليه حاشية المصطفى الدمشقي (٤) وكذلك عليه حاشية لأحمد بن عوض المرداوي في مجلدين وشرحه الشيخ عبد الله المقدسي، ذكره ابن عوض في حاشيته.
ونظمه محمد بن إبراهيم بن عريكان من أهل القصيم من بلد الخبرا. ونظمه أحد علماء حلب كما ذكره العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ (٥) في تاريخ حلب.
_________
(١) المولود في دمشق سنة ١٠٥٢ والمتوفى فيها سنة ١١٣٥.
(٢) المولود سنة ١١١٤ والمتوفى سنة ١٢٨٨
(٣) المولود بدمشق سنة ١١٣٤ والمتوفى سنة ١٢٠٢.
(٤) هو الشيخ مصطفى الدومي المعروف - في دمشق - بالدوماني الصالحي ٥ المتوفى بحلب سنة ١٣٧٠.
(٥) المتوفى بحلب سنة ١٣٧٠.
1 / 19
وما عني هؤلاء العلماء بهذا المتن إلا لجلالة قدره عندهم، ومعرفتهم بما تضمنه من التحقيق، ولهذا قال مؤلفه: لم أذكر فيه إلا ما جزم بصحته أهل التصحيح والعرفان. وعليه الفتوى فيما بين أهل الترجيح والإتقان.
وقد قرظه جماعة من علماء المذهب وغيرهم كما في السحب الوابلة وقرأت في تاريخ ابن بشر عنوان المجد أن الشيخ مرعي لما ألف الدليل عرضه على الشيخ منصور البهوتي فأثنى عليه. وليس هذا بصواب فإن متن الدليل ألف قبل ولادة الشيخ منصور، فقد ذكر صاحب السحب الوابلة أن ممن قرظه الشيخ عبد الله الشنشوري، وهذا العالم مات قبل ولادة الشيخ منصور بسنة واحدة فإنه مات سنة ٩٩٩ تسعمائة وتسعة وتسعين، والشيخ منصور ولد سنة ألف من الهجرة (١) والذي عرض عليه الشيخ مرعي كتاب الدليل إنما هو الإمام عبد الرحمن البهوتي المعمر (٢) كما في حاشية أحمد بن عوض على الدليل. وقد ذكرنا عددا من الشروح والحواشي على هذا المتن المبارك، لكن منار السبيل لم يأت أحد بمثاله، ولم ينسج على منواله، فلهذا سمت همة الفاضل النجيب قاسم بن درويش فخروا إلى طبعه ونشره، وجعله وقفا على أهل العلم جزاه الله خيرا، وشكر له سعيه، وضاعف له الأجر، وأجزل له الثواب، وأدام إنعامه عليه بمنه تعالى وكرمه.
_________
(١) توفي بمصر سنة ١٠٥١.
(٢) وكانت وفاته بعد سنة ١٠٤ كما في ترجمة المحبي له.
1 / 20
مقدمة
منار السبيل
بقلم زهير الشاويش
إن الحمد لله نحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد، فهذا كتاب منار السبيل شرح دليل الطالب، نقدمه للطباعة للمرة الأولى عن نسخة المؤلف الشيخ إبراهيم بن سالم بن ضويان كتبها بخطه سنة ١٣٢٢ وتقع في ست وثلاثين ومائتي ورقة قياس ٢٣ * ١٥ وفي كل صفحة من صفحاتها أربع وعشرون سطرا وفي بعضها أقل من ذلك أو أكثر (١) .
وكتب في وجه غلافها من به الكريم المنان، على مصنفه وكاتبه الفقير المعترف بالذنب والتقصير، وفي آخر الكتاب قال: وهذا آخر ما تيسر من شرح هذا الكتاب ... كتبه الفقير إبراهيم بن محمد بن سالم بن ضويان لنفسه ولمن يشاء من بعده.
وفصل المؤلف المتن عن شرحه بوضع خط أحمر فوق كلمات المتن، وزاد خطا آخرا على بعض الكلمات التي أراد التنبيه عليها مثل وسننه ثمانية.
وقد عارضنا متن الكتاب على ثلاث نسخ خطية - يأتي وصفها - فحرصنا على إبقاء ما جاء في الأصل، إذا أيدته إحدى النسخ، أو كان الشرح متناسبا معه.
_________
(١) انظر رموز صفحتها الأولى في الصفحة ٢٦ من هذه المقدمة.
1 / 21
وما كان الخطأ فيه ظاهرا أصلحناه، أو كان غير ذلك أشرنا إليه في موضعه.
وفصلنا المتن عن الشرح بجعل عبارة المتن بحرف أسود ضمن قوسين في أول كل سطر وعبارة الشارح بالحرف العادي مرتبطة بما سبقها من المتن، وبذلك تسهل متابعة المتن، ومراجعة الشرح.
وفصلنا الآيات الكريمة بجعلها بين هلالين بحرف مشكول يخالف حروف المتن والشرح.
وجعلنا الأحاديث النبوية والآثار ضمن هلالين مزدوجين.
وأما الكلمات التي أراد المؤلف لفت النظر إليها حيث وضعها تحت خط أحمر فقد جعلنا فوقها خطا أسود (١) .
والنسخ المخطوطة التي عارضنا بها متن الأصل ثلاث: (٢) .
الأولى مخطوطة يملكها التاجر المحترم أمين أفندي الكتبي وهي مقروءة عليها تعليقات لطيفة كتبت سنة ١٢٢٤ بقلم صالح البيتاوي الحنبلي، وكان أكثر ما استفدناه في مقابلة المتن منها. وقد كتب في الصفحة الأولى منها:
أنا حنبلي ماحييت وإن أمت ... فوصيتي للناس أن يتحنبلوا
وفيها أيضا:
لئن قلد الناس الأئمة إنني ... لفي مذهب الحبر ابن حنبل راغب
_________
(١) وكان وضعنا للخط فوق الكمات المراد التنبيه عليها جريا على قاعدة المؤلفين المسسلمين - كما صنع المؤلف - وأما وضع الخط تحت هذه الكلمات فهو من التقليد للأوروبين.
(٢) وأما النسخة المطبوعة بمصر فلم نستفد منها لكثرة ما فيها من الخطأ والتحريف.
1 / 22