( وأما قول السائل ) وإذا كان في حق المسلم العاصي فما القدر الذي ينبغي أن يهجر لأجله فنقول : القدر الذي ينبغي أن يهجر لأجله هو ما تقدم ذكره من هجر من يظهر المنكرات حتى يتوب منها ، لكن ينبغي أن يعلم أن المعاصي متفاوتة في الحد والمقدار فمنها ما هو من قسم الكبائر ومنها ما هو من قسم الصغائر ، فيهجر العاصي على قدر ما ارتكبه من الذنب { ولكل درجات مما عملوا } "الأنعام: من الآية132" ولا يسوى بين الذنوب في الهجر ويجعل ذلك بابا واحدا إلا جاهل . لأن هذا الهجر من باب التأديب ، والمقصود به بيان الحق ، ورحمة الخلق (( والمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره )) وإذا أفضى ذلك إلى التقاطع والتدابر والتباغض والتحاسد لم يكن الهجر مشروعا لأن مفسدته أرجح من مصلحته .
وقد بلغني أن بعض هؤلاء المهاجرين لمن يرتكب شيئا من الذنوب والمعاصي إذا قال لهم المهجور : أستغفر الله وأتوب إليه وأقر على نفسه بالذنب وتاب إلى الله منه لا يقبلون منه بل يستمرون على هجره ومعاداته ، هذا خلاف ما شرعه الله ورسوله ، بل هذا من باب التفي والانتقام ، لا من باب الرحمة والإحسان بالمسلم . والواجب أن ينصح الرجل أخاه المسلم عن هذا الذنب فإن تاب منه فهو المطلوب ، وإن لم يتب واستمر على معصيته هجره حتى يتوب منها ، إن كانت المصلحة في حقه أرجح وإن لم ينزجر عنها وكانت المفسدة في حقه أرجح من المصلحة لم يكن الهجر مشروعا كما ذكر ذلك شيخ الإسلام والله أعلم .
القاسطون في الهجر والبغض
وقوله هل يفرق بين الأحوال والأشخاص والأزمان ؟
صفحہ 26