الخوارج قطعوا الاجمة وتركوا على كل قتيل قصبة فلم تزد عليهم ولا نقصت عنهم(1).
ومنها انه خرج ذات ليلة من مسجد الكوفة متوجها إلى داره قد مضى هزيع(2) من الليل ومعه كميل بن زياد وكان من خيار شيعته ومحبيه فوصل في الطريق إلى باب رجل يتلو القرآن في ذلك الوقت، ويقرأ قوله تعالى: {أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الألباب} (3) بصوت شجي حزين.
فاستحسن كميل ذلك في باطنه، وأعجبه حال الرجل من غير أن يقول شيئا، فالتفت إليه صلوات الله عليه وقال: يا كميل لا يعجبك طنطنة الرجل انه من أهل النار، سأنبئك فيما بعد.
فتحير كميل لمكاشفته له على ما في باطنه، ولشهادته لدخول النار(4) مع كونه في هذا الأمر وتلك الحالة الحسنة ظاهرا في ذلك الوقت، فسكت كميل متعجبا متفكرا في هذا الأمر، ومضى مدة متطاولة إلى أن آل حال الخوارج إلى ما آل، وقاتلهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانوا يحفظون القرآن كما انزل.
فالتفت أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى كميل بن زياد وهو واقف بين يديه والسيف في يده يقطر دما، ورؤوس اولئك الكفرة الفجرة محلقة على الأرض، فوضع رأس السيف على رأس من تلك الرؤوس وقال: يا كميل {أمن هو قانت آناء الليل} أي هو ذلك الشخص الذي كان يقرأ في تلك الليلة فأعجبك حاله،
صفحہ 36