يا أبا الحسن ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم، انطلقوا بنا إلى ابنتي فاطمة.
فانطلقوا إليها وهي في محرابها تصلي، وقد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، فلما رآها النبي (صلى الله عليه وآله) قال: وا غوثاه، بالله يا أهل بيت محمد تموتون جوعا، فهبط جبرئيل (عليه السلام) وقال: خذ يا محمد هنأك الله تعالى في أهل بيتك، قال: وما آخذ يا جبرئيل؟ قال: فاقرأ: {هل أتى على الإنسان} السورة(1).
ومن كان أكرم الناس كان أفضل، فيكون هو الإمام دون غيره.
وأما الجود والسخاء: فقد بلغ فيه ما لم يبلغه أحد، جاد بنفسه والجود بالنفس أقصى غاية الجود.
روى أبو سعيد الخدري قال: لما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الغار أوحى الله عزوجل إلى جبرئيل وميكائيل: إني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فكلاهما اختار وأحب الحياة، فأوحى الله عزوجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يقيه بنفسه، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه.
وكان جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي: من مثلك؟ بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب؟! يباهي الله بك الملائكة، وأنزل الله عزوجل في حقه: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد} (2)، وإذا كان كذلك وجب أن يكون هو الإمام دون غيره.
صفحہ 33