فقد روى المخالف والمؤالف والخاص والعام قول النبي (صلى الله عليه وآله): "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي" فإنه يدل على أنه كلما كان لرسول الله من الفضائل والكمالات فإنها ثابتة لعلي (عليه السلام) سوى درجة النبوة، وهذا كله دليل على إمامته لقوله تعالى: {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الألباب} (1).
وأما العفة: فقد كان فيها الآية الكبرى، والمنزلة العظمى، ويكفيه في التنبيه على حاله مطالعة كلامه في نهج البلاغة، نحو كتابه إلى عثمان بن حنيف الأنصاري عامله بالبصرة، وقد بلغه انه دعي إلى وليمة قوم فأجاب إليها، وقوله فيه:
"فانظر يا ابن حنيف إلى ما تقضمه(2) من هذا المطعم(3)، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجهه فنل(4) منه، ألا وإن لكل مأموم إماما يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه(5)، ومن مطعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد(6).
وقوله (عليه السلام): ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج هذا القز(7)، ولكن هيهات هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في
صفحہ 17