وهذا يدل على وصوله في العلم إلى مرتبة لا يمكن لأحد من المخلوقات من الملائكة والبشر الوصول إليها سوى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكونه نفسه بآية المباهلة، فإن الله تعالى جعل فيها نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفس علي (عليه السلام) حيث قال: {وأنفسنا وأنفسكم} (1)، والمراد به نفس علي (عليه السلام) كما نقله جمهور المفسرين.
وليس المراد الحقيقة، لأن الاتحاد محال فيحمل على أقرب المعاني وهو المواساة له في جميع الوجوه الممكنة، وثبت له (عليه السلام) حينئذ جميع ما ثبت للرسول (صلى الله عليه وآله) من الفضائل العلمية والعملية ما خلا النبوة، لقوله (صلى الله عليه وآله): "لا نبي بعدي"، وكفى بهذه الآية دليلا واضحا، وبرهانا لائحا على فضائله (عليه السلام).
وقد روى المخالف والمؤالف ما ظهر عنه (عليه السلام) من الفتاوى المشكلة، والقضايا الصعبة التي عجز عنها كل من عاصره، وراجعوه في أكثر الأحكام، وقضوا بقوله، وعملوا بفتواه.
فمن ذلك ان عمر اتي بامرأة قد زنت وهي حامل فأمر برجمها، فقال له علي (عليه السلام): إن كان لك عليها سلطان فليس لك سلطان على ما في بطنها، فأمر بتركها وقال: لولا علي لهلك عمر(2).
ومنها انه اتي بامرأة قد زنت وهي مجنونة فأمر برجمها، فقال له علي (عليه السلام): رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والنائم حتى يستيقظ، والغلام حتى يحتلم، فقال: لولا علي لهلك عمر(3).
ومنها انه أرسل إلى امرأة فخافت منه فأجهضت، فاستفتى الناس فكل قال
صفحہ 15