Irshad Al-Fuhool Ila Tahqiq Al-Haqq Min Elm Al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
تحقیق کنندہ
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
ناشر
دار الكتاب العربي
ایڈیشن نمبر
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
اشاعت کا سال
١٩٩٩م
الِاشْتِقَاقِ أَوْ غَيْرِهِ- مَعْنًى يُظَنُّ اعْتِبَارُ هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّسْمِيَةِ، لِأَجْلِ دَوَرَانِ ذَلِكَ الِاسْمِ مَعَ هَذَا الْمَعْنَى، وُجُودًا وَعَدَمًا، وَيُوجَدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي غَيْرِ ذَلِكَ الِاسْمِ.
فَهَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ الِاسْمُ الْمَذْكُورُ إِلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ بِسَبَبِ وُجُودِ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهِ، فَيُطْلَقُ ذَلِكَ الِاسْمُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً؛ إِذْ لَا نِزَاعَ فِي جَوَازِ الْإِطْلَاقِ مَجَازًا إِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْإِطْلَاقِ حَقِيقَةً، وذلك كالخمر، الذي هو اسم للنيء مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ، إِذَا غَلَى وَاشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ، إِذَا أُطْلِقَ عَلَى النَّبِيذِ إِلْحَاقًا لَهُ بالنيء الْمَذْكُورِ بِجَامِعِ الْمُخَامَرَةِ لِلْعَقْلِ، فَإِنَّهَا مَعْنًى فِي الاسم، يظن اعتباره في تسمية النيء الْمَذْكُورِ بِهِ، لِدَوَرَانِ التَّسْمِيَةِ مَعَهُ، فَمَهْمَا لَمْ تُوجَدْ فِي مَاءِ الْعِنَبِ لَا يُسَمَّى خَمْرًا بَلْ عَصِيرًا، وَإِذَا وُجِدَتْ فِيهِ سُمِّيَ بِهِ، وَإِذَا زَالَتْ عَنْهُ لَمْ يُسَمَّ بِهِ، بَلْ خَلًّا، وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ فِي النَّبِيذِ، أَوْ يُخَصُّ اسْمُ الْخَمْرِ بِمُخَامِرٍ لِلْعَقْلِ، هُوَ مَاءُ الْعِنَبِ الْمَذْكُورُ، فَلَا يُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى النَّبِيذِ، وَكَذَلِكَ تَسْمِيَةُ النَّبَّاشِ سَارِقًا لِلْأَخْذِ بِالْخُفْيَةِ، وَاللَّائِطِ زَانِيًا لِلْإِيلَاجِ الْمُحَرَّمِ.
احْتَجَّ الْمُجَوِّزُونَ: بِأَنَّ دَوَرَانَ الِاسْمِ مَعَ الْمَعْنَى وُجُودًا وَعَدَمًا يَدُلُّ عَلَى أنه المعتب؛ لأن يُفِيدُ الظَّنَّ.
وَأُجِيبَ: بِأَنَّ إِفَادَةَ الدَّوَرَانِ لِذَلِكَ ممنوعة، لما سيأتي١ في مسالك العلة، ويعد التَّسْلِيمِ لِإِفَادَةِ الدَّوَرَانِ، وَكَوْنِهِ طَرِيقًا صَحِيحَةً، فَنَقُولُ: إِنْ أَرَدْتُمْ بِدَوَرَانِ الِاسْمِ مَعَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، دَوَرَانًا مُطْلَقًا، سَوَاءٌ وُجِدَ فِي أَفْرَادِ الْمُسَمَّى أَوْ غَيْرِهَا بِادِّعَاءِ ثُبُوتِ الِاسْمِ فِي كُلِّ مَادَّةٍ يُوجَدُ فِيهَا ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَانْتِفَائِهِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ بِطَرِيقِ النَّقْلِ، فَغَيْرُ الْمَفْرُوضِ؛ لِأَنَّ مَا يُوجَدُ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْمُسَمَّى، فَلَا يَتَحَقَّقُ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِدَوَرَانِ الِاسْمِ مَعَ الْمُسَمَّى أَنْ يَدُورَ مَعَهُ فِي الْأَصْلِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فَقَطْ، لِوُجُودِ الِاسْمِ فِي كُلِّ مَادَّةٍ يُوجَدُ فِيهَا الْمُسَمَّى، وَانْتِفَائِهِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ، مَنَعْنَا كَوْنَهُ طَرِيقًا مُثْبَتًا تَسْمِيَةَ الشَّيْءِ بِاسْمٍ لِمُشَارَكَةِ الْمُسَمَّى فِي مَعْنًى دَارَ الِاسْمُ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا، وَإِنْ سَلَّمْنَا كَوْنَهُ طَرِيقًا صَحِيحَةً لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، فَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ إِثْبَاتَ كَوْنِهِ طريقًا صحيحة فِي إِثْبَاتِ الِاسْمِ، وَتَعْدِيَتِهِ مِنْ مَحَلٍّ إِلَى مَحَلٍّ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي الشَّرْعِيَّاتِ سَمْعِيٌ، ثَبَتَ اعْتِبَارُهُ بِالسَّمَاعِ مِنَ الشَّارِعِ، وَتَعَبَّدَنَا بِهِ، لَا أَنَّهُ عَقْلِيٌّ.
وَأُجِيبَ ثَانِيًا: بِالْمُعَارَضَةِ عَلَى سَبِيلِ الْقَلْبِ، بِأَنَّهُ دَارَ أَيْضًا مَعَ الْمَحَلِّ، كَكَوْنِهِ مَاءَ الْعِنَبِ، وَمَالَ الْحَيِّ، وَوَطَأَ فِي الْقُبُلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُعْتَبَرٌ، وَالْمَعْنَى جُزْءٌ مِنَ الْعِلَّةِ.
وَمَنْ قَالَ بِقَطْعِ النَّبَّاشِ، وَحَدِّ شَارِبِ النَّبِيذِ فَذَلِكَ لِعُمُومِ دَلِيلِ السَّرِقَةِ، وَالْحَدِّ، أَوْ لِقِيَاسِهِمَا عَلَى السَّارِقِ وَالْخَمْرِ قِيَاسًا شَرْعِيًّا فِي الْحُكْمِ، لَا لِأَنَّهُ يُسَمَّى النَّبَّاشُ سَارِقًا، والنبيذ خمرًا بالقياس
_________
١ انظر "٢/ ١٤٠".
1 / 50