82

الإرشاد

الإرشاد إلى نجاة العباد للعنسي

اصناف

تصوف
انفتاح باب الأمل

اعلم أن الأمل هو الداء الدوي، والشيطان المغوي، وهو القاطع للرقاب، والفاتح لجميع الأبواب، والمسبب لأسوأ الأسباب، وهو حب الدنيا، والشغف بها، وهذا الباب إنما ينفتح بانفتاح الطمع، فمن كثر طمعه طال أمله، وقل عمله في الصالحات، ولولا انفتاح باب الأمل على العقلاء ما ضل منهم ضال في حال من الأحوال، وهذا الباب هو الذي لأجله يكد الناس في الأعمال، ويقبلون على أنواع الأشغال الشاغلة عن أحوال الآخرة، من الزراعات والتجارات والحرف، ولأجله يظلمون ويأثمون، ويغشون ويتفاخرون ويتنافسون، وبه أيضا يبنون ويعمرون ويخربون ويجددون، ولولاه ما انبسطت الأيدي إلى الشهوات واللذات، ولا الأرجل إلى المشى في الحاجات، ولا الأعين في استحسان المنظورات، ولا الآذان لاستماع الملاهي من الأصوات، وهو شئ قد اشتركت فيه جميع القلوب، وأخذ كل واحد منها بنصيب، والعاقل من أخذ منه بسهم غير وافر، وكان في مضماره غير سائر إلا قليلا، وإلا فلا يسلم منه أحد، ولا يوجد منه ملتحد.

وفي حديث النبي (يهرم ابن آدم ويشب(1) منه اثنتان الحرص وطول الأمل)(2).

صفحہ 85