313

وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم تسعدوا، وأكثروا الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتحبروا وتنصروا).(1)

والعجب ممن يعصي ربه، ويكفر نعمته، ويهلك نفسه، ويغضب خالقه، وهو تعالى مع ذلك يدعوه إلى الرجوع إليه، ويعده أنه يغفر له، ويقبل توبته، ثم هو هارب منه مصر على معصيته، معتمد على غيره، ونعمه تعالى مع ذلك كله متواترة إليه، متوالية عليه، هل هذا إلا عبد سوء مشؤوم، ناقص العقل، قليل الدرية والله المستعان، وعليه نتوكل، وإليه المصير

المعرفة الثانية: بيان فضلها ومنفعتها

اعلم أيها الطالب للنجاة أن التوبة أنفع الأدوية وأشفاها، وأفضل الطاعات وأعلاها بعد أصول العقيدة ؛ وذلك لأن المكلف لا ينجو في أثناء تكليفه من السيئات، إما الكبائر وإما الصغائر، وقد ثبت أنه لا مضرة أعظم من مضرة هذا الداء، الذي هو الذنوب، والتوبة نافية له، رافعة لحكمه، مبطلة لمضرته، ولو حصرت الدنيا بأسرها، والآخرة معها ما أبطلت حكم هذا الداء، ولا نفت مضرته إلا مع التوبة، وما في حكمها من كثرة الطاعات كما تقدم.

قال تعالى بعد ذكره لأعداد معاصي عظيمة: { ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا } (2) الآية { إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما}(3).

صفحہ 320