305

وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من غلب عقله هواه فذلك العلم النافع، ومن جعل شهوته تحت قدمه فر الشيطان من ظله، ومن فرح قلبه بشيء من عرض الدنيا فقد أخطا الحكمة).(1)

واعلم أيها الطالب أن أحد عدويك أخف عليك من الآخر، وهو الشيطان قال الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}(2) ولا يتم له فيك أثر ولا مدخل إلا من قبل هواك، فتبين أن الهوى هو العدو المعاند، الذي ينبغي أن تتعرفه لتحذره.

وأما معرفة النصحاء

فهم ثلاثة: العقل، والكتاب، والسنة، فإن هؤلاء الثلاثة لا يشيرون عليك إلا بالنصيحة، ولا يهدونك إلا إلى الآراء الصحيحة، فإنه قد ثبت لك صحتهن بما تقدم في أول هذا الأصل.

واعلم أن السنة إنما تشير عليك بما في الكتاب، إما مجملا وأما مفصلا، والكتاب إنما يشير عليك بما في العقل، إما جملة وأما تفصيلا.

فالعقل الذي تنتهي إليه النصائح، وهو ينتهي إلى ربك وخالقك جل وعز، فهو المنعم عليك، والناصح لك والمتولي لأمرك، واليه يرد الأمر كله، فينبغي أن يكون اعتمادك عليه، كما أن مصيرك إليه، وذلك لا يتم لك إلا بالجريان في ميدان رضاه، ولو أسخطك لما قد تحققت أنه ناصحك ومعلمك، والهادي لك، والنافع لك، والمنعم عليك، والمربي لك من صغرك إلى كبرك، والموفق لك والمقوي لك، والمعرض لك للصلاح، وليس له حاجة إليك ولا اعتماد عليك، فأنت المحتاج وهو الغني، وأنت الضعيف وهو القوي، وأنت العبد

وهو المولى، وأنت الذليل الوضيع وهو العلى الأعلى، وأنت المنقوص في الذات والصفات وله الأسماء الحسنى، فاعمل بحسب علمك، وجد في أمرك.

صفحہ 312