Iraq in Narrations and Signs of Turmoil
العراق في أحاديث وآثار الفتن
ناشر
مكتبة الفرقان
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
پبلشر کا مقام
الأمارات - دبي
اصناف
وكان الحسن البصري يقول: إنّ الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإن -الله تعالى - يقول: ﴿ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون﴾ [سورة المؤمنون: ٧٦]، وكان طلق بن حبيب يقول: اتقوا الفتنة بالتقوى. فقيل له: أجمل لنا التقوى. فقال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو رحمة الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله، تخاف عذاب الله. رواه أحمد وابن أبي الدنيا.
وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة، كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد، وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث. ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة؛ للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي ﷺ، وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم، ويأمرون بالصبر على جور الأئمة وترك قتالهم، وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين.
وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة، وليس هذا موضع بسطه. ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي ﷺ في هذا الباب، واعتبر -أيضًا- اعتبار أولي الأبصار؛ علم أنّ الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور، ولهذا لما أراد الحسين ﵁ أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتبًا كثيرة، أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين، كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج، وغلب على ظنهم أنه يقتل، حتى إن بعضهم قال: أستودعك الله من قتيل. وقال بعضهم: لولا الشفاعة لأمسكتك ومنعتك من الخروج. وهم في ذلك قاصدون نصيحته طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين. والله ورسوله إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد، لكن الرأي يصيب تارة
1 / 125