نعم هَهُنَا نظر فِي أَمريْن
أَحدهمَا أَنه هَل تقبل رِوَايَة المبتدع فِيمَا يُؤَيّد بِهِ مذْهبه أم لَا
هَذَا مَحل نظر فَمن يرى رد الشَّهَادَة بالتهمة فَيَجِيء على مذْهبه أَن لَا يقبل ذَلِك
الثَّانِي أَنا نرى أَن من كَانَ دَاعِيَة لمذهبه المبتدع متعصبا لَهُ متجاهرا بباطله أَن تتْرك الرِّوَايَة عَنهُ إهانة لَهُ وإخمادا لبدعته فَإِن تَعْظِيم المبتدع تنويه لمذهبه بِهِ
اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون ذَلِك الحَدِيث غير مَوْجُود لنا إِلَّا من جِهَته فَحِينَئِذٍ تقدم مصلحَة حفظ الحَدِيث على مصلحَة إهانة المبتدع
وَمن هَذَا الْوَجْه أَعنِي وَجه الْكَلَام بِسَبَب الْمذَاهب يجب أَن تتفقد مَذَاهِب الجارحين والمزكين مَعَ مَذَاهِب من تكلمُوا فِيهِ فَإِن رَأَيْتهَا مُخْتَلفَة فتوقف عَن قبوال الْجرْح غَايَة التَّوَقُّف حَتَّى يتَبَيَّن وَجهه بَيَانا لَا شُبْهَة فِيهِ
وَمَا كَانَ مُطلقًا أَو غير مُفَسّر فَلَا يجرح بِهِ
فَإِن كَانَ الْمَجْرُوح موثقًا من جِهَة أُخْرَى فَلَا تحفلن بِالْجرْحِ الْمُبْهم مِمَّن خَالفه
وَإِن كَانَ غير موثق فَلَا تحكمن بجرحه وَلَا تعديله
فَاعْتبر مَا قلت لَك فِي هَؤُلَاءِ الْمُخْتَلِفين كَائِنا من كَانُوا
وَثَالِثهَا الِاخْتِلَاف الْوَاقِع ببن المتصوفة وَأَصْحَاب الْعُلُوم الظَّاهِرَة
فقد وَقع بَينهم تنافر أوجب كَلَام بَعضهم فِي بعض وَهَذِه غمرة لَا يخلص مِنْهَا إِلَّا الْعَالم الوافي بشواهد الشَّرِيعَة
وَلَا أحْصر ذَلِك فِي الْعلم بالفروع المذهبية فَإِن كثيرا من أَحْوَال الْمُحَقِّقين من الصُّوفِيَّة لَا يَفِي بتمييز حَقه من باطله علم الْفُرُوع بل لَا بُد مَعَ ذَلِك من
1 / 59