اقلیم: مقدمہ قصیرہ

شیما طاہا ریدی d. 1450 AH
44

اقلیم: مقدمہ قصیرہ

الإقليم: مقدمة قصيرة

اصناف

ثمة فئة قانونية مثيرة للاهتمام على نحو خاص، هي فئة «الغائبين الحاضرين»، أو الفلسطينيين البالغ عددهم نحو 75000 الذين ظلوا في إسرائيل (وأصبحوا مواطنين)، ولكنهم لم يكونوا في منازلهم في 29 نوفمبر 1947. فكما كتب بيريتز: «كل العرب الذين كانت لهم أملاك في مدينة عكا الجديدة، بصرف النظر عن حقيقة أنهم ربما لم ينتقلوا قط إلى أبعد من المدينة القديمة التي كانت على مسافة بضعة أمتار قليلة؛ صنفوا كغائبين، وأي فرد ربما يكون قد ذهب إلى بيروت أو بيت لحم في زيارة ليوم واحد، خلال أيام الحرب الأخيرة، كان يصنف تلقائيا كغائب» (1958، 152، مقتبس في كيدار 2003، 426). وأخيرا، وكما يشير كيمرلينج:

كان نقل ملكية الأراضي إلى إسرائيل يتم بأساليب مخالفة للقانون أيضا؛ ففيما بين عامي 1949 و1959، كان العرب - أفرادا، وقرى، وقبائل - يجبرون على ترك أراضيهم، وطرد البعض إلى مناطق أخرى داخل إسرائيل، وآخرون إلى أماكن تقع وراء خطوط الهدنة. كان عدد سكان بلدة مجدل يبلغ 9910 في عام 1944، بينما لم يبق من السكان بعد الحرب سوى نحو 2500 شخص. وفي أغسطس 1950 كان جميع سكان البلدة تقريبا قد نقلوا إلى قطاع غزة. (1983، 139-140)

لم تكن أنظمة أملاك الغائبين هي القوانين الرسمية الوحيدة التي استهدفت (وبررت) إعادة الأقلمة الجذرية للحياة في إسرائيل/فلسطين؛ فقد كانت توجد أدوات أخرى مهمة شملت أنظمة الطوارئ التي تم تفعيلها في البداية خلال فترة الانتداب. وهكذا، «بموجب اللائحة 125، كان الحاكم العسكري مخولا بإعلان «المناطق المغلقة» التي لم يكن يمكن لأحد دخولها أو مغادرتها دون إذن كتابي. كانت المناطق التي يعيش فيها الفلسطينيون مقسمة إلى جيوب صغيرة، وأعلن كل منها منطقة مغلقة؛ حيث كانت التحركات بداخلها وإلى خارجها مقيدة على نحو بالغ» (حسين وماكاي 2003، 80). كذلك، «خولت لوائح الطوارئ (المناطق الأمنية) لعام 1949 وزير الدفاع سلطة إعلان المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية منطقة أمنية، وإصدار أمر لأي أشخاص بمغادرة مثل هذه المناطق. واستخدمت هذه السلطة لطرد الفلسطينيين من قريتي إقرت وبرعم بالقرب من الحدود اللبنانية» (2003، 83). كذلك أعلنت الدولة مناطق الأراضي المملوكة للفلسطينيين «مناطق عسكرية» أو أرض مصادرة بموجب مرسوم الأغراض العامة، حيث كلمة «عامة» تعني يهودية على نحو شبه دائم. ثمة جزء آخر من الآلة القانونية لنزع الملكية هو قانون العقارات لعام 1969، الذي ألغى رسميا تصنيفات الأراضي التي صدرت في العهد العثماني في كل من أرض إسرائيل والأراضي المحتلة. «كانت الأرض «المتروكة» تسجل لدى سلطة الدولة أو السلطة المحلية، والأرض «الموات» لدى الدولة، والأرض خارج إطار الملكية الفردية كان يعاد تصنيفها إما كعقار عام وإما كعقار مخصص (للمنفعة العامة)، مثل الشريط الساحلي، وشبكات الطرق» (هوم 2003، 297).

كان لنزع الملكية والطرد والإقصاء والدمار الممنهج المدبر الذي صاحب النظام الإقليمي قبل عام 1948 و«تهويده» الشامل؛ عدد من العواقب الاجتماعية والوجودية البالغة. وكان من بين هذه العواقب، عاقبة لها أهمية كبيرة في فهم الإقليمية، وهي خلق ما يطلق عليه عالم الاجتماع الإسرائيلي دان رابينوفيتش «أقلية محاصرة». يهدف هذا المفهوم إلى توضيح وتفسير بعض النتائج والآثار التي خلفتها عملية إعادة الأقلمة هذه على الهوية والوعي بين الإسرائيليين الفلسطينيين؛ أي نسل العرب الذين يقطنون أرض إسرائيل، والذين يعدون مواطنين تابعين للدولة الإسرائيلية إن لم يكونوا أعضاء في الأمة اليهودية. يكتب رابينوفيتش قائلا:

إن الحرب التي خسرها الفلسطينيون أمام إسرائيل في عام 1948 محت عمليا حواضرها القديمة بوصفها بؤرا للانتماء والهوية؛ فقد تقلصت المراكز الفلسطينية مثل يافا والرملة وليد وبئر السبع ومناطقها الداخلية، أو اختفت تحت المعاقل الإسرائيلية اليهودية السريعة الامتداد، التي صار يسكنها مهاجرون يهود وصلوا حديثا من الخارج. ولم يتبق للفلسطينيين عموما سوى قرى معزولة ومفتتة. وشهدت فترة خمسينيات القرن العشرين فقدان الكثير من تلك القرى لأجزاء كبيرة من الأراضي والمراعي المزروعة لصالح الدولة اليهودية، عن طريق المصادرة على نحو أساسي. (2001، 66)

ويردف: «إن مواطني إسرائيل الفلسطينيي الأصل لديهم ادعاءات واضحة بامتلاكهم حقوقا، بما في ذلك الحق في الأرض، ومع ذلك دائما ما يستبعدون من معظم العمليات السياسية التي تحدد استخدام الأرض والتنمية والرفاهية في وطنهم» (ص66). علاوة على ذلك، «أدت الفجوة المكانية التي نتجت إلى تدمير إحساس الفلسطينيين بالزمن الجماعي، وقدرتهم على تشكيل هوية متماسكة» (ص66-67). ويشير رابينوفيتش إلى أن إعادة أقلمة الحيز الاجتماعي قد جلبت نوعا من تقسيم الوعي والهوية الجماعيين، ولكن النتيجة الرئيسية لهذا هي خلق إحساس ب «الاختناق» (ص67). «يستطيع الفلسطينيون في شمال إسرائيل الاستقرار والتنقل فقط داخل مثلث صغير يضم أجزاء من عكا والناصرية وحيفا؛ أما بقية البلاد، فبينما يتاح دخولها شكليا للجميع، فإنها فعليا محظورة عليهم» (ص67).

ويبرز رابينوفيتش بعضا من الأبعاد التجريبية لهذه العملية الإقليمية قائلا: «يعد استخدام أسلوب نصب الفخاخ تطورا مثيرا. مكان ينظر إليه في البداية على أنه آمن، يتعرض لتدخل خارجي يؤدي إلى عزله وحصاره: باب يغلق، سور ينصب، جدار أسمنتي ينشأ؛ وهكذا يصبح المكان مسيجا وخطيرا، وفجأة يصبح المواطن سجينا» (ص73)، وهذا السجن بدوره أدى إلى نتائج أخرى. ويذهب رابينوفيتش إلى أن الأقليات المحاصرة تعاني تهميشا مزدوجا؛ ففي البداية يتعرضون للتهميش داخل الدولة، ثم «تميل المجموعة المهيمنة التي تبسط نفوذها على الدولة الجديدة التي تحاصر الأقلية إلى التعامل مع أفرادها بدونية» (ص73). ولكن في الوقت نفسه، «عند النظر إليهم من العالم العربي»:

يبدو مواطنو إسرائيل الفلسطينيون عنصرا غامضا وإشكاليا لم يتحدد وضعه على الساحة القومية، وولاؤه للأمة الفلسطينية محل شك؛ ففي الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، على سبيل المثال، كان مواطنو إسرائيل من الفلسطينيين يعاملون من قبل القيادة الفلسطينية المنفية باعتبارهم كيانا جماعيا انتهازيا فاسدا، يتعاون مع الاحتلال الصهيوني الذي انتزع وطنهم. ومن المحتمل أن تظل الأقلية المحاصرة غير مندمجة؛ فنظرا لتمزقهم بين دولتهم الأم ودولتهم المضيفة، يواجه أفراد أي أقلية محاصرة صعوبة في المشاركة في إنتاج واستهلاك اللغة، والمسرح، والموسيقى، والسينما، والإعلام، والفولكلور في الثقافة السائدة للدولة، خاصة أينما يحتوي مثل هذا الإنتاج على محتوى خالص يتعلق بالهوية القومية. (رابينوفيتش 2001، 74، 76-77)

على نحو متصل، «ربما يظهر أعضاء الأقليات المحاصرة انقسامات داخلية أيديولوجية وسياسية مزمنة، ويواجهون صعوبات في تشكيل جبهة موحدة داخل وخارج الدولة على حد سواء» (ص77). أي إن عمليات إعادة التشكيل الإقليمي ينظر إليها هنا بوصفها مثيرة لانقسامات وتباينات أيديولوجية، ولكن الأمر بالطبع لا يقتصر على مجرد أن الإسرائيليين من أصل فلسطيني والفلسطينيين خارج «أرض إسرائيل» (خاصة أولئك القاطنين في الأراضي المحتلة) يوجدون على الجوانب المختلفة لحدود ما (وفي هذا المقام من المهم أن ندرك أن العائلات قد تنقسم، وأن أفراد العائلات المنقسمة إقليميا قد يعيشون على بعد بضعة أميال أحدهم من الآخر)؛ فهم يحتلون مواقع مختلفة داخل تمركزات للسلطة هي ذاتها خاضعة بقوة للأقلمة، وإن كان ذلك على نحو غير تام. والحصار ليس مكانيا فقط؛ فهو له أيضا جوانب زمنية تتقاطع مع الإقليمية. ومن منظور الخطاب الصهيوني السائد، «كانت الأقلية العربية تعامل كما لو كانت قد ظهرت من العدم؛ فتاريخها قد بتر، واتصالها المكاني مع الفلسطينيين والعرب في الأقاليم المجاورة قد أوقف. لقد أصبحت محاصرة تماما ضمن الوجود الإسرائيلي» (رابينوفيتش 2001، 80). ولكن على الجانب الآخر، من داخل الخطاب نفسه، يمكن بسهولة طمس الفروق والاختلافات التي قد يصنعها الإقليم؛ أي الفروق المحتملة بين مواطني الدولة الفلسطينيين والعدد الأكبر من أعداء الدولة من الفلسطينيين. «إن الأقلية المحاصرة، بطبيعة الحال، ليس من السهل احتواؤها؛ فهي تمتد عبر الحدود متوغلة داخل أقاليم أخرى، مجاورة أو بالخارج، لتصوغ معاهدات مع الأعداء والغرباء. إن المجاز الذي يصور الغرباء على أنهم وكلاء للمرض - كيان أجنبي يغزو جسد الأمة، مهددا بتدميرها من الداخل - غالبا ما يطفو على السطح في الخطاب البلاغي الذي يعكس أشد حالات الخوف والكراهية للأجانب من جانب الأغلبية. وهكذا يبدو كون جماعة ما أقلية محاصرة ليس مجرد أمر معقد ومربك، ولكنه قد يكون خطيرا أيضا» (ص78-79). (4) منظومة السيطرة الإقليمية الإسرائيلية

إذا كان مواطنو إسرائيل من الفلسطينيين أقلية محاصرة، فإن الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة أغلبية محاصرة. هم يتضاعفون داخل تلك المنطقة المحاصرين فيها. في هذا القسم سوف أضع مخططا أوليا للعناصر الأساسية لمنظومة السيطرة الإقليمية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة على مستوى من التفصيل أدق من ذلك المتاح من خلال تحليل الملكية والسيادة. وما هو متضمن هنا في الأساس هو شيء أشبه ب «أقاليم النفس» التي ناقشناها في الفصل الثاني.

نامعلوم صفحہ