الإِمَام فرضا نفى الْإِشَارَة وَصَحَّ إِثْبَاتهَا عَن صَاحب الْإِشَارَة فَلَا شكّ فِي تَرْجِيح الْمُثبت الْمسند إِلَيْهِ ﷺ كَيفَ وَقد وجد نَقله الصَّرِيح بِمَا ثَبت بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيح فَمن أنصف وَلم يتعسف عرف أَن هَذَا سَبِيل أهل التدين من السّلف وَالْخلف وَمن عدل عَن ذَلِك فَهُوَ هَالك يُوصف بالجاهل المعاند المكابر وَلَو كَانَ عِنْد النَّاس من الأكابر انْتهى
قَالَ فِي الْبَحْر الرَّائِق يجوز تَقْلِيد من شَاءَ من الْمُجْتَهدين وَإِن دونت الْمذَاهب كَالْيَوْمِ فَلهُ الِانْتِقَال من مذْهبه انْتهى قَالَ شيخ مشائخنا مُحَمَّد بن حَيَاة وَهَذَا الَّذِي ذكره هُوَ الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب وَالسّنة وأقوال الْعلمَاء الأخيار من السَّابِقين واللاحقين وَلَا عِبْرَة بقول من قَالَ خلاف هَذَا فَإِن كل قَول يُخَالف كتاب الله وَسنة رَسُوله ﷺ وأقوال الْعلمَاء الَّذين هم صُدُور الدّين فَهُوَ مَرْدُود على قَائِله وَلَا أَظُنهُ إِلَّا عديم الْعلم كثير التعصب وَالله الْمُوفق لما يحب ويرضى انْتهى
وَقَالَ فِي أَعْلَام الموقعين أَصْحَاب أبي حنيفَة ﵀ مجمعون على أَن مَذْهَب أبي حنيفَة أَن ضَعِيف الحَدِيث مقدم على الْقيَاس والرأي وعَلى ذَلِك بِنَاء مذْهبه كَمَا قدم حَدِيث القهقهة مَعَ ضعفه على الْقيَاس والرأي وَقدم حَدِيث الْوضُوء بنبيذ التَّمْر فِي السّفر مَعَ ضعفه على الرَّأْي وَالْقِيَاس وَمنع قطع السَّارِق بِسَرِقَة أقل من عشرَة دَرَاهِم والْحَدِيث فِيهِ ضَعِيف وَجعل أَكثر الْحيض عشرَة أَيَّام والْحَدِيث فِيهِ ضَعِيف وَترك الْقيَاس الْمَحْض فِي مسَائِل الابار لآثار فِيهَا غير مَرْفُوعَة فتقديم الحَدِيث الضَّعِيف وآثار الصَّحَابَة على الْقيَاس والرأي هُوَ قَول أبي حنيفَة وَأحمد انْتهى
قَالَ شيخ مَشَايِخنَا الْمُحَقق أَبُو الْحسن السندي فِي حَوَاشِيه على فتح الْقَدِير عِنْد قَوْله لِأَن الحكم فِي حق الْعَاميّ فَتْوَى مفتيه أَفَادَ أَنه لايتعين فِي حق الْعَاميّ الْأَخْذ بِمذهب معِين لعدم اهتدائه لما هُوَ أولى وَأَحْرَى إِلَّا على وَجه الْهوى كَمَا عَلَيْهِ الْعَوام الْيَوْم وَلَا يتَعَيَّن لَهُ بِمثلِهِ الْأَخْذ بذلك الْمَذْهَب إِذْ لَا عِبْرَة لمثله فِي الشرعيات وَالتَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَالتَّعْيِين بِلَا معِين مِمَّا لَا سَبِيل إِلَيْهِ فَالْوَاجِب على هَذَا فِي حَقه الْأَخْذ بقول عَالم يوثق بِهِ فِي الدّين لقَوْله تَعَالَى ﴿فاسألوا أهل الذّكر إِن كُنْتُم لَا تعلمُونَ﴾ وَمثله مَا قَالَ فِي الْبَحْر بعد مَا نقل من الْمُحِيط كلَاما بسيطا قَالَ وَقد علم من هَذَا أَن مَذْهَب الْعَاميّ فَتْوَى مفتيه من غير تَقْيِيد بِمذهب وَلِهَذَا قَالَ فِي فتح الْقَدِير الحكم فِي حق الْعَاميّ فَتْوَى مفتيه انْتهى
قلت وَرَأَيْت مثله مَنْقُولًا عَن بعض الْفُقَهَاء الشَّافِعِيَّة أَيْضا فعلى هَذَا لَا يَنْبَغِي ترك الِاقْتِدَاء بالعلماء وَأهل الصّلاح معللين بِأَنَّهُم مخالفون لمذهبهم إِذْ لَا مَذْهَب لَهُم فضلا عَن أَن يكون أحد مُخَالفا لَهُم فِي الْمَذْهَب فالعجب مِمَّن يفتيهم بِذَاكَ وَالله أعلم انْتهى قلت وَرَأَيْت للمحقق الْمَذْكُور
1 / 57