عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام
وَقَالَ عبد الحق الدهلوي فِي شرح الصِّرَاط الْمُسْتَقيم إِن التَّحْقِيق فِي قَوْلهم إِن الصُّوفِي لَا مَذْهَب لَهُ أَنه يخْتَار من رِوَايَات مذْهبه الَّذِي الْتَزمهُ للْعَمَل عَلَيْهِ مَا يكون أحوط ويوافق حَدِيثا صَحِيحا وَإِن لم يكن ظَاهر رِوَايَات ذَلِك الْمَذْهَب ومشهورها نقل عَنهُ أَنه قَالَ فِي الشَّرْح الْمَذْكُور إِذا وجد تَابع الْمُجْتَهد حَدِيثا صَحِيحا مُخَالفا لمذهبه هَل لَهُ أَن يعْمل بِهِ وَيتْرك مذْهبه فِيهِ اخْتِلَاف فَعِنْدَ الْمُتَقَدِّمين لَهُ ذَلِك قَالُوا لِأَن الْمَتْبُوع والمقتدى بِهِ هُوَ النَّبِي ﷺ وَمن سواهُ فَهُوَ تَابع لَهُ فَبعد أَن علم وَصَحَّ أَنه قَوْله ص فالمتابعة لغيره غير معقولة وَهَذِه طَريقَة الْمُتَقَدِّمين انْتهى وَفِي الظَّهِيرِيَّة وَمن فعل فعلا مُجْتَهدا أَو تقلد بمجتهد فَلَا عَار عَلَيْهِ وَلَا شناعة وَلَا إِنْكَار انْتهى وَأما الَّذِي لم يكن من أهل الِاجْتِهَاد فانتقل من قَول إِلَى قَول من غير دَلِيل لَكِن لما يرغب من عرض الدُّنْيَا وشهواتها فَهُوَ المذموم الآثم كَذَا فِي الحمادي وَأما مَا يُورد على الْأَلْسِنَة من أَن الْعَمَل على الْفِقْه لَا على الحَدِيث فتفوه لَا معنى لَهُ إِذْ من الْبَين أَن مبْنى الْفِقْه لَيْسَ إِلَّا الْكتاب وَالسّنة وَأما الْإِجْمَاع وَالْقِيَاس فَكل وَاحِد مِنْهُمَا يرجع إِلَى كل من الْكتاب وَالسّنة فَمَا معنى إِثْبَات الْعَمَل على الْفِقْه وَنفي الْعَمَل بِالْحَدِيثِ فَإِن الْعَمَل بالفقه عين الْعَمَل بِالْحَدِيثِ كَمَا عرفت وَغَايَة مَا يُمكن فِي تَوْجِيهه أَن يُقَال أَن ذَلِك حكم مَخْصُوص بشخص مَخْصُوص وَهُوَ من لَيْسَ من أهل الْخُصُوص بل من الْعَوام الَّذين هم كالهوام لَا يفهمون معنى الحَدِيث وَمرَاده وَلَا يميزون بَين صَحِيحه وضعيفه ومقدمه ومؤخره ومجمله ومفسره وموضوعه وَغير ذَلِك من أقسامه بل كل مَا يُورد عَلَيْهِم بعنوان قَالَ رَسُول الله ﷺ وَقَالَ النَّبِي ﷺ فهم يعتمدون عَلَيْهِ ويستندون إِلَيْهِ من غير تميز وَمَعْرِفَة بِأَن قَائِل ذَلِك من نَحْو الْمُحدثين أم من غَيرهم وعَلى تَقْدِير كَونه من الْمُحدثين أعدل وثقة أم لَا وَإِن كَانَ جيد الْحِفْظ أَو سيئه أَو غير ذَلِك من فنونه فَإِن ورد على الْعَاميّ حَدِيث وَيُقَال لَهُ أَنه يعْمل على الحَدِيث فَرُبمَا يكون ذَلِك الحَدِيث مَوْضُوعا وَيعْمل عَلَيْهِ لعدم التميز وَرُبمَا يكون ذَلِك الحَدِيث ضَعِيفا والْحَدِيث الصَّحِيح على خِلَافه فَيعْمل على ذَلِك الحَدِيث الضَّعِيف وَيتْرك الحَدِيث الصَّحِيح وعَلى هَذَا الْقيَاس فِي كل أَحْوَاله يغلط أَو يخلط فَيُقَال لأمثاله إِنَّه يعْمل بِمَا جَاءَ عَن الْفَقِيه لَا يعْمل بِمُجَرَّد سَماع الحَدِيث لعدم ضَبطه وَأما من كَانَ من أهل الْخُصُوص وَأهل الْخِبْرَة للْحَدِيث وفنونه فحاشا أَن يُقَال لَهُ أَنه يعْمل بِمَا جَاءَ عَن فَقِيه وَإِن كَانَت الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِيهِ على خلاف ذَلِك لِأَن الْعَمَل على الْفِقْه لَا على الحَدِيث هَذَا ثمَّ مَعَ هَذَا لَا يخفى مَا فِي هَذَا اللَّفْظ من سوء الْأَدَب والشناعة والبشاعة فَإِن التفوه بِنَفْي الْعَمَل على الحَدِيث على الْإِطْلَاق مِمَّا لَا يصدر من عَاقل فضلا عَن فَاضل وَلَو قيل بالتوجيه الَّذِي ذَكرْنَاهُ أَن الْعَمَل بالفقه لَا على الحَدِيث لقَالَ قَائِل بِعَين ذَلِك
1 / 55