وَأبي حنيفَة فَيُقَال لَهُ هَذَا يُخَالف قَوْلهمَا فَيَقُول وَيْلكُمْ حدث فلَان عَن فلَان عَن النَّبِي ﷺ بِكَذَا وَكَذَا وَالْأَخْذ بِالْحَدِيثِ أولى من الْأَخْذ بقولهمَا إِذا خالفا وَكَذَا يُؤَيّدهُ مَا ذكره فِي الْهِدَايَة فِي مَسْأَلَة صَوْم المحتجم وَلَو احْتجم فَظن أَن ذَلِك يفْطر ثمَّ أكل مُتَعَمدا عَلَيْهِ الْقَضَاء وَالْكَفَّارَة لِأَن الظَّن مَا اسْتندَ إِلَى دَلِيل شَرْعِي إِلَّا إِذا أفتاه فَقِيه بِالْفَسَادِ لِأَن الْفَتْوَى دَلِيل شَرْعِي فِي حَقه وَلَو بلغه الحَدِيث وَاعْتَمدهُ فَكَذَلِك عِنْد مُحَمَّد ﵀ لِأَن قَول رَسُول الله ﷺ لَا ينزل عَن قَول الْمُفْتِي وَفِي الْكَافِي والْحميدِي أَولا يكون أدنى دَرَجَة من قَول الْمُفْتِي وَقَول الْمُفْتِي يصلح دَلِيلا شَرْعِيًّا فَقَوْل الرَّسُول أولى وَعَن ابي يُوسُف خلاف ذَلِك لِأَن على الْعَاميّ الِاقْتِدَاء بالفقهاء لعدم الاهتداء فِي حَقه إِلَى معرفَة الْأَحَادِيث وَإِن عرف تَأْوِيله تجب الْكَفَّارَة وَفِي كتاب السيافري الِاتِّفَاق وَأما الْجَواب عَن قَول أبي يُوسُف أَن على الْعَاميّ الِاقْتِدَاء بالفقهاء فَمَحْمُول على الْعَاميّ الصّرْف الْجَاهِل الَّذِي لَا يعرف معنى الْأَحَادِيث وتأويلاتها لِأَنَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله لعدم الاهتداء إِلَى معرفَة الْأَحَادِيث وَكَذَا قَوْله وَإِن عرف تَأْوِيله تجب الْكَفَّارَة يُشِير إِلَى أَن المُرَاد بالعامي غير الْعَالم وَفِي الْحميدِي الْعَاميّ مَنْسُوب إِلَى الْعَامَّة وهم الْجُهَّال فَعلم من هَذِه الإشارات أَن مُرَاد أبي يُوسُف ﵀ أَيْضا عَن الْعَاميّ الْجَاهِل الَّذِي لَا يعرف معنى النَّص وتأويله فَفِيمَا ذكر من قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمُحَمّد ﵏ ينْدَفع قَول الْقَائِل بِوُجُوب الْعَمَل بالرواية بِخِلَاف النَّص انْتهى كَلَام صَاحب الخزانة قَالَ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث نصر بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم السَّمرقَنْدِي
بَاب من يصلح للْفَتْوَى
قَالَ الْفَقِيه لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُفْتِي إِلَّا أَن يعرف أقاويل الْعلمَاء يَعْنِي أَبَا حنيفَة وصاحبيه وَيعلم من أَيْن قَالُوا وَيعرف معاملات النَّاس فَإِن عرف أقاويل الْعلمَاء وَلم يعرف مذاهبهم فَإِن سَأَلَ عَن مَسْأَلَة يعلم أَن علماءه الَّذين ينتحل مذاهبهم قد أفتوا عَلَيْهِ فَلَا بَأْس بِأَن يَقُول هَذَا جَائِز وَهَذَا لَا يجوز وَيكون قَوْله على سَبِيل الْحِكَايَة وَإِن كَانَت مَسْأَلَة قد اخْتلف فِيهَا فَلَا بَأْس أَن يَقُول هَذَا جَائِز على قَول فلَان وَلَا يجوز فِي قَول فلَان وَلَا يجوز لَهُ أَن يخْتَار قولا ويجيب بقول بَعضهم مالم يعرف حجَّته
حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن يُوسُف عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا مالم يعلم من أَيْن قُلْنَا وَرُوِيَ عَن عَاصِم بن يُوسُف أَنه قيل لَهُ إِنَّك تكْثر الْخلاف لأبي حنيفَة فَقَالَ إِن أَبَا حنيفَة قد أُوتِيَ مالم نُؤْت فَأدْرك فهمه مَا لَا ندرك وَنحن لم نُؤْت من الْفَهم إِلَّا مَا أوتينا وَلَا
1 / 51