وأما قوله هذا المخالف في احتجاجه على مذهبه: كأنهم لم يسمعوا الله يقول: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى (^١) يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ (^٢).
فالجواب عن ذلك وعن جميع ما أورده من الاحتجاج بالقرآن أن نقول له: أهذا قول الله حقيقة فيلزمنا الجواب لك، أم ليس هو بقول الله حقيقة؟ فإن صرح بحقيقة مذهبه الفاسد الذي لا يخفى على خصمائه وقال: ليس بقول الله حقيقة ولا يجوز وجود القول منه.
قلنا: فلم قلت: قال الله وتصفه بما لا يليق وصفه به عندك، ولا جواب له إلا أنه أراد ألا يخالف جميع أهل التوحيد في أن لله قولًا احتج (^٣) به فيوافق قولهم في الظاهر لئلا ينفر السامعون عنه، وإلا فحقيقة مذهبه الذي لو صرح به أن القرآن الذي يتلوه ويحتج به قوله حقيقة وقوله خلق له كسائر أقواله (^٤) ولذلك نهى النبي ﷺ عن مجالسته ومجالسة أهل مذهبه (^٥) وعند ذلك نقول: لا يلزمنا الجواب عن تأويل قوله لأنه ليس بحجة.
(^١) في الأصل الآية إلى قوله ٠ حتى) وهي في - ح - كما أثبتها.
(^٢) الأنفال آية (٥٣).
(^٣) في - ح - (يحتج).
(^٤) أي المعتزلة يقولون بخلق القرآن وأنه ليس كلام الله حقيقة، وهم يقولون أيضًا: إنهم يخلقون أفعالهم فصار بهذا ما يتلونه من القرآن على زعمهم خلق لهم، وسيأتي مزيد إيضاح في الفصل الخاص بالرد على المعتزلة في مسألة الكلام والقرآن.
(^٥) تقدمت الأحاديث في هذا، انظر: ١٤٦.