بسم الله الرحمن الرحيم
[و] صلى الله على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد وصحبه وسلم.
الحمد لله الذي جعل الانتصار من ذوي الإحن لحمال الآثار النبوية والسنن، وشرفهم بصحة سماعها إسنادا، وألحقهم بروايتها اتصالا ودرايتها انتقادا، وجعلهم فرقة ناجية بالطاعة، وأقامهم طائفة منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من حتى تقوم الساعة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الذي وصل من انقطع إليه، ونصر من توكل عليه، وأفضل على من سأله مما لديه.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبد ورسوله الذي أوتي جوامع الكلم تشريفا، ولقي بدائع الحكم تفهيما وتعريفا، وأوصى بحملة سنته وجعلهم خلفاء على أمته، صلى الله وعلى آله ذوي النسب الغالي، وأصحابه أولي السند العالي ما اتصل سماع بخبر، وحصل انتفاع بأثر وسلم تسليما.
أما بعد
صفحہ 403
فإن الله -عز وجل- له الفضل والمنة، أكرم هذه الأمة المحمدية بإسناد السنة، وأقام لها خداما وجعلهم بمعرفة متونها ورجالها حكاما، يقبل ما صححوه، ويهمل ما ضعفوه وطرحوه، ويؤخذ عمن حكموا بتوثيقه، ويسمع ممن أثبتوا سماعه بطريقه، لم يزالوا على ذلك سرا وجهرا من الصدر الأول وهلم جرا من ذلك ما حكم الشيخ مشايخنا الكبار أبي العباس أحمد بن الشحنة أبي طالب الحجار حكم جميع أئمة عصره من أهل هذا الشأن بسماعه لجميع صحيح البخاري كاملا بلا نقصان، من قال بضد ذلك لا يلتفت إليه، لكنه إذ قيل لا بد من التنبيه عليه كما نبه عليه حافظ الإسلام أبو الحجاج المزي وغيره من الإعلام حسبما إلي وصل ومن الثقات لدي حصل فوقفت على أوراق أسماء بعض من سمع صحيح البخاري على الشيخ العالم المقرئ سراج الدين أبي عبد الله الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم ابن الزبيدي الحنبلي البغدادي -أثابه الله تعالى- بالجامع المظفري بسفح جبل قاسيون وابتداء القراءة عليه كان في أواخر شوال سنة ثلاثين وستمائة، وآخرها عاشر ذي القعدة من السنة وذلك في اثنين وعشرين مجلسا هي بعينه في الأوراق المشار إليه مرموز لكل مجلس بحرف من حروف الجمل بالقلم الهندي إلى العشرة وبالعربي إلى آخر المجالس منهم من كمل له سماع جميع الصحيح ومنهم من له فوات ذكر في أوقات الفوات على حدة من أوراق السماع ذكروا مجلسا مجلسا فوجدت في الوجهة الأولى من الورقة السادسة من أوراق السماع بعد ذكر اثني عشر نفسا في الوجهة بخط كاتب أسماء السامعين ما صورته:
ومحمد (لا فوت) وأحمد (ق) وناصر أولاد أبي طالب الشحنة وكتب فوق ذلك علامات المجالس الاثنين وعشرين مجلسا التي قرئ فيها جميع الصحيح.
وذكر بعد ذلك إبراهيم ابن الشيخ عبد الله بن يونس الأرموي وعلم فوقه علامة سماعه رابع مجلس لم يعلم له غيره.
ثم كتب بعد إبراهيم قال: وخلف (لا فوت) بن أبي طالب بن نعمة الشحنة وكتب فوق لا فوت وعلم له فوق ذلك سماع أربعة مجالس الأول والثاني والرابع والخامس ثم وجدت في أول أوراق الفوات ما صورته:
فوات المجلس الأول وكتب فوقه أعيد إلى ((باب الصلاة من الإيمان)) وإلى ((باب من استبرأ لدينه)).
صفحہ 404
ثم قال خلف ومحمد وأحمد أولاد الشحنة وأحمد بن محمد بن عطاء: باب علامات المنافق.
فعلم بهذا أن فوت أولاد الشحنة ومن ذكر معهم أعيد لهم فصح سماع جميع الصحيح لأحمد ابن الشحنة ومن ذكر معه لأن الذي ذكر كاتب الأسماء أنه أعيد هو أكثر من فوات أولاد الشحنة ومن معهم لا سيما وقد كتب على أسمائهم لا فوت بمعنى أعيد لهم لأن من اصطلاح كاتب الأسماء أن من كتب على اسمه (ف) فله فوت في بعض المجالس، ومن كتب عليه (لا فوت) فهو ممن أعيد له فوته من بعض المجالس التي سمعها.
ومن كتب عليه علامة اثنين هكذا (2) فهو من أعيد له بعض فوته أو حصل فيه شك.
فإذا زاد مع هذه العلامة عينا ممدودة هكذا (ع) فهو من ليس له فوت إلا في ذلك المجلس.
ومن كتب عليه كافا هكذا (ك) فهو ليس من له فوت في المجالس التي سمعها بل له فوت مجلس كامل أو أكثر.
ومن كتب عليه علامة الأربعة بالهندي هكذا (عو) فهو ليس له فوت أصلا وكمل له سماع الصحيح.
وقد نظر الإمام المحدث المفيد أمين الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن أحمد ابن الواني في أوراق السماع المذكورة حسبما نظرته كذلك فعلق منها فيما وجدته بخطه صفة سؤال وإن لم يصرح به فيما يتعلق بسماع أحمد ابن الشحنة فقال على وجه الجزء يعني ما صورته: ((كتب في طبقة السامعين منهم من كمل له وبعض من تيسر وخف فواته ولم يكتب ابن الشحنة.
وإن كان بعلامة لا فوت فعلى أخيه خلف علامة لا فوت وجميع ما سمع أربع مواعيد.
صفحہ 405
وإن كانت علامة الإعادة (2) فإبراهيم بن عبد المنعم بن أبي الفضل علم له (3 ع) وقد كتب له السيف: له فوت ينظر إن لم يكن أعيد له.
فمن ضرب عليه أعيد له محققا أو من كتب عليه: أيد له أو من كتب: أعيد له إلى كذا.
إبراهيم بن نجم الدين في آخر الصفحة كتب عليه: لا فوات وقد فاته السادس بكماله)).
انتهى ما وجدته بخط ابن الواني وقد أجاب عنه حافظ الإسلام أبو الحجاج المزي في ((جزء يتعلق بسماع الشيخ أبي العباس أحمد بن الشحنة أبي طالب لصحيح البخاري على الحسين ابن الزبيدي بالجبل)) قال فيه فيما وجدته بخطه جوابا عما كتبه ابن الواني قال المزي:
((فإن قال قائل فقد كتب على وجه الجزء الذي فيه الأسماء ما صورته: كتب في طبقة السامعين منهم من كمل له وبعض من تيسر وخف فواته ولم يكتب اسم ابن الشحنة.
قيل: ليس هذا بأول عام دخله التخصيص وما ذكرناه دليل ظاهر فلا يكون هذا مقدما عليه وإن قيل إن كان بعلامة لا فوت يستدل على عدم الفوت فعلى اسم أخيه خلف علامة لا فوت وجميع ما سمع أربعة مواعيد، قيل: إن علامة لا فوت إنما هي لمن ليس له فوت في بعض مجلس وأما من له فوت مجلس كامل فهو يترك العلامة في أوراق الأسماء وليس لأحمد فوت في شيء من ذلك كما تقدم التنبيه عليه.
وإن قيل: إن كانت علامة الإعادة (2) فإبراهيم بن عبد المنعم بن أبي الفضل علم له (2 ع) وقد كتب له السيف: له فوت ينظر إن لم يكن أعيد له.
قيل: علامة (2) لمن أعيد له بعض فوته أو حصل فيه شك وتلك العلامة إنما هي على اسم خلف لا على اسم أحمد.
وإن قيل: إبراهيم بن نجم الدين في آخر الصفحة الأولى كتب عليه لا فوات الأول وقد فاته المجلس السادس بكماله.
صفحہ 406
قيل: قد تقدم الكلام أن ذلك لمن ليس له فوت في بعض مجلس وأما من له فوت مجلس كامل فإن علامته ترك العلامة والله تعالى أعلم)) وكتب يوسف المزي. انتهى.
وما وجده ابن الواني على وجه الجزء وجدته أيضا على وجه الجزء المشار إليه وهو غاشية أوراق السامعين المقدم ذكرها وهو بخط الإمام سيف الدين أحمد بن المجد عيسى بن الشيخ موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد ابن قدامة وطبقة السماع على ابن الزبيدي كتبها الإمام سيف الدين على نسخة الصحيح التي هي وقف مقرها بدار السنة الضيائية بسفح قاسيون بدمشق عدة من كتب فيها ممن كمل لهم سماع الصحيح أربعمائة نفس وخمسة عشر نفسا والذين كتبهم ولهم فوت اثنان وخمسون نفسا ثم قال السيف ابن المجد كاتب طبقة السماع بعد ذكر المفوتين:
((وهؤلاء يمكن أن يكون أعيد لهم فواتهم لكن لم يتحقق ذلك فكتبوا كما ترى بالفوت وبقي آخرون ممن له فوت لم يتسع الوقت لتعيينه والله المستعان وهو في الأوراق مكتوب يراجعها من أراد ذلك منهم إن شاء الله تعالى)).
فقد ذكر السيف ابن المجد أنه ترك آخرين ممن له فوت في أوراق السماع.
وقال الحافظ أبو محمد القاسم ابن البرزالي فيما وجدته بخطه في طبقة سماع الصحيح على أبي العباس أحمد ابن الشحنة أبي طالب المذكور:
((في أربعة عشر مجلسا أولها يوم السبت ثالث شهر رمضان وختم بمقصورة -عليه السلام- وهي الآن مصلى الحنابلة قبلي الجامع بغرب بقراءة أبي محمد ابن البرزالي لمعظم الكتاب وبقراءة الفخر عبد الرحمن بن محمد البعلبكي لقطعة جيدة منه وبقراءة ابن طغر لمعظم البعاد الثالث)).
فذكر البرزالي في أول طبقة سماع الصحيح المشار إليها على أحمد ابن الشحنة بسماعه من الحسين ابن الزبيدي قال:
صفحہ 407
((وطبقة سماعه في النسخة وقف الضيائية ولكن اسمه مع إخوته في الجزء الذي فيه أسماء السامعين الموقوف بالضيائية)) انتهى.
وقد تقدم صفة سماعه.
وأول ظهوره للطلبة كان في سنة ست وسبعمائة نبه عليه الشيخ الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد بن ألطنبا الفوارسي ابن الحلبية فقال: حجار من أهل الصالحية مسن عمره بالجبل لعله سمع فسلوه فأتوه وسأله الشيخ محب الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي فقال له: ((كان شيء وراح))، فسألوه عن اسمه ونسبه فأخبرهم فنظروا في الطباق التي يحتمل سماعه فيها فوجدوا اسمه لسماع أجزاء فسأله حينئذ الحافظ أبو عبد الله محمد ابن الذهبي عن سنه إذ ذاك فقال: أذكر موت المعظم -يعني شرف الدين عيسى ابن الملك العادل أبي بكر بن أيوب. وكان موته في ذي القعدة سنة أربع وعشرين وستمائة.
ثم سأله الذهبي عن حصار الملك الناصر داود فعرفه وكان الحصار في سنة ست وعشرين وستمائة وقال: كنت أروح بين إخوتي إلى الكتاب حينئذ.
قال: وذكر أنه كان ينصرف من السماع على ابن الزبيدي مع الصبيان وينزل إلى نهر تورة يسبح معهم فيه.
وقال الذهبي عنه: ((قد سمع الصحيح في سنة ثلاثين وستمائة)).
قال: وقد روى الصحيح أكثر من ستين مرة وحدث بالشام ومصر وحماة وغير ذلك من البلاد)).
قال: ((وإليه المنتهى في الثبات وعدم النعاس وربما اسمع في بعض الأيام من بكرة إلى المغرب وحج سنة الطيار وفيه دين وملازمة للصلاة لكن ربما أخرها في السفر ويقضيها على طريق العوام)).
صفحہ 408
قال: ((وهو شيخ كامل البنية له همة وجلادة وقوة نفس وعقل جيد وسمعه ثقيل وقد ذهب غالب أسنانه)).
قال: ((وقد تعدى المائة بسنوات يسيرة)).
ثم ذكر الذهبي وفاته.
وقد أجمع الحفاظ على صحة سماع أحمد ابن الشحنة المذكور لجميع الصحيح فلا عبرة بمن قدح في ذلك.
والذي بلغنا من القدح أمران:
أحدهما: في سماعه للصحيح وأنه بفوت وقد بينا صحة سماعه لجميع الصحيح فما تقدم.
وقال الإمام العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي العاقولي -قدم علينا دمشق قبل الفتنة- في كتابه ((الدراية في معرفة الرواية)) في ترجمة الشيخ الثالث والخمسين من مشايخه حين ذكر بعض ترجمة الحجار وذكر سماعه من ابن الزبيدي لجميع الصحيح فقال:
((ثابت لا شك فيه ولا امتراء وذلك في سنة ثلاثين وستمائة بجامع الصالحية بسفح قاسيون ظاهر دمشق والعبرة في ذلك بقول الحفاظ المنزهين عن الأهواء والأغراض وقد سمع عليه البخاري بسنده هذا جماعة منهم وحققوه فلا عبرة بقول بعض أهل هذه البلاد في خطبة مشيخته تعريضا به: ((وفي سماعه بحوث وأنظار))، لأن قوله ذا ناشئ عن غرض بين لا خفاء به عند محقق وهو طلبه لما زعم من انحصار الرواية في الشيخ رشيد الدين وطبقته أنهم انقرضوا لئلا يشاركه في علوم روايته عنهم من سمعه من الحجار بعد وفاة الشيخ رشيد الدين بعشرين سنة وهذا من المقاصد الواجب تجنبها على كل مسلم والتحرز عن مثل ذلك في باب الرواية فإنه من الآفات التي يجب التنبه لها والتبري عنها وأي بحث ونظر فيما حققه الحفاظ العارفون وأخبروا به)) انتهى.
صفحہ 409
والرجل الذي كنى عنه العاقولي بقوله بعض أهل هذه البلاد هو فيما قاله لي الشيخ الإمام العلامة المفسر اللغوي أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن مودود الجعفري من قبل أبيه الأنصاري السلمي من قبل أمه البخاري -قدم علينا حاجا- عن شيخه أبي طاهر محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الأوشي الطاهري عن الإمام المحدث أبي حفص عمر بن علي بن عمر القزويني نزيل مدينة السلام أنه قال عن الحجار: ((وفي سماعه بحوث وأنظار)).
ورأيت شيخنا الجعفري مائلا إلى هذا القول وإن إسناد أهل الشام بالصحيح عن الحجار وفيه هذا المقال فلم أبحث معه في نقضه والرد على قائله بل ذكرت له أن إسناد أهل الشام بالصحيح ليس عن الحجار فقط بل عن جماعة من أصحاب الحسين ابن الزبيدي منهم أم محمد وزيرة ابنة عمر بن أسعد ابن المنجا التنوخية.
وأما الرشيد شيخ القزويني الذي أشار إليه العاقولي هو الإمام رشيد الدين أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم عبد الله بن عمر بن أبي القاسم المقرئ الحنبلي شيخ رباط الأرجوانية ببغداد وهو يروي الصحيح عن أبي الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة القلانسي عن أبي الوقت، فالرشيد وابن الشحنة الحجار في طبقة واحدة فمن أخذ عن الحجار ساوى من أخذ عن الرشيد.
والأمر الثاني أنه زعم بعض من لا خبرة له بترجمة أحمد ابن الشحنة الحجار أنه كان له أخ اسمه أحمد أكبر منه وهو الذي سمع على ابن الزبيدي صحيح البخاري وغيره.
وهذا باطل فإن الذي حققه الحفاظ كالمزي والذهبي والبرزالي وسائر المحدثين أن أحمد الذي ظهر سماعه كما تقدم هو الذي قرأوا عليه وسمعوا منه وأخذوا عنه لا شك في ذلك ولا ريب ولم نسمع ولم نر أحدا تابع هذا القائل فيما زعم.
صفحہ 410
وأولاد أبي طالب أخوة الحجار معروفون محصورون فأبوهم هو أبو طالب اسمه كنيته أبو نعمة وكنوة أبا النعم بن حسن بن علي بن بيان من أهل دير مقرن قرية بين قرية الفيجة والزبداني من أعمال دمشق كان لأبي طالب بها ملك وبساتين ودار مليحة ثم انتقل إلى الصالحية فأقام بها وصار شحنتها والشحنة هو الوالي وبقي على ذلك قريبا من أربعين سنة ومن تواقيعه بذلك توقيع أشرقي وله مقرر على ذلك مائة درهم على قرية حرستا، ومات أبو طالب هذا بعد الخوارزمية في دولة الملك الصالح أيوب المتوفى في شعبان سنة سبع وأربعين وستمائة.
وأولاد أبي طالب خلف ويقال: خليفة ، وناصر وقيل: منصور لأن اسمه في أوراق أسماء سامعي الصحيح على ابن الزبيدي مع أخويه محمد وأحمد ناصر لكنه كتب على الألف من ناصر (من) وألصقت بالصاد فكان الصحيح منصور ويؤيده أن اسمه في أوراق ضبط الفوات منصور بن أبي طالب الشحنة باب الفهم في العلم.
ومن أولاد أبي طالب محمد وأحمد فهؤلاء أولاد أبي طالب الشحنة.
وكذلك ذكر عدتهم الحافظ أبو محمد القاسم ابن البرزالي فيما وجدته بخطه.
فأما خليفة ابن الشحنة فتوفي عن بنتين ثم ماتا وانقرض نسله.
وأما ناصر فأعقب بنتا.
وأما محمد فتوفي ولم يعقب لأنه مات ولم يتزوج.
وأما أحمد وهو راوي الصحيح وغيره فأعقب أولادا وتناسلوا، تزوج في دولة الناصر وكان له أربع زوجات وتسرى وولد له أحد عشر ولدا منهم ذكور ثلاثة منهم: عبد الرحيم وعلي.
فأما عبد الرحيم فولد له خمسة أولاد وهم: محمد وأحمد وعمر وزاهدة وست الأمة.
وأما علي فولد له ثلاثة أولاد: محمد وصفية وعائشة.
صفحہ 411
ومن بنات الحجار فاطمة وكان لها من الأولاد أبو بكر وسليمان وخليل وخديجة من زوجها أحمد بن علي الحجاوي المقرئ.
هذا الذي علمناه من ذرية أبي طالب والد أبي العباس أحمد ابن الشحنة الحجار.
وكان أحمد في أول أمره خياطا ثم خدم بقلعة دمشق هو وأخوته حجارين في سنة أربع وأربعين وستمائة ثم قرروا أحمد المذكور مقدم الحجارين فبقي خمسا وخمسين سنة مقدمهم وجعل له من المعلوم على ذلك في كل شهر خمسة وأربعين درهما وكان يحمل السيف ويقف في الخدمة ثم انقطع عن الخدمة وفرضوا له على بيت المال ثلاثين درهما في كل شهر.
ثم حصل له بعد ذلك دنيا ولم تزل الطلبة يفدون إليه ويفيدون عنه ويقرأون عليه.
وقد تفرد بأمور منا تفرده بالرواية سماعا عن ابن الزبيدي وابن اللتي مدة سنين لا يشاركه أحد.
وآخر شيء حدث به من الأجزاء ((الأمالي والقراءة)) لابن عفان، و((مسند عمر -رضي الله تعالى عنه-)) للنجاد، و((حكايات إبراهيم بن أدهم -رحمة الله عليه-)) وكان سماعه لذلك في يوم السبت الثالث والعشرين من صفر وتوفي -رحمه الله تعالى- في يوم الاثنين بين الظهر والعصر في الخامس والعشرين من صفر المذكور سنة ثلاثين وسبعمائة ودفن من الغد يوم الثلاثاء بسفح قاسيون ونزل الناس بموته درجة.
صفحہ 412
وقد حدث عنه خلق حدثنا عنه منهم جماعة آخرهم خاتمة أصحابه رواية عنه سماعا الشيخة الصالحة المسندة المعمرة الأصيلة أم عبد الله عائشة بنت المحتسب أبي عبد الله محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد ابن قدامة المقدسية الصالحية آخر من روى عن الحجار المذكور صحيح البخاري بالسماع تفردت بذلك فيما نعلم لكن سماعها للصحيح على الحجار يكون بمقتضى مولدها حضورا في السنة الرابعة من سني عمرها وكتبها سامعة مثبت سماعها على الحجار ورجع سماعها بعض المفيدين وغيره من المحدثين وقد سمعت عائشة المذكورة على الحجار ((الأربعين الطائية)) و((الأربعين الآجرية)) و((الأمالي والقراءة)) لابن عفان وغير ذلك، وسمعت ((صحيح مسلم)) على جماعة من أصحاب أبي العباس أحمد بن عبد الدائم.
وعلى عبد القادر بن الملك ((سيرة ابن إسحاق تهذيب ابن هشام)) سوى الميعاد الثاني منها فقط.
وعلى عبد الله بن أبي التائب وآخرين.
وأجاز لها في سنة سبع وعشرين وسبعمائة من حلب إبراهيم بن صالح ابن العجمي ومحمد بن يوسف بن أبي العز الحراني ومحمد بن محمد بن حسين سبط الحسن الصقلي.
ومن حماة شيخ الإسلام أبي القاسم هبة الله بن عبد الرحيم ابن البارزي الشافعي وعبد العزيز بن إدريس بن مزيز وأخوه أحمد.
وأجاز لها في سنة ثمان وعشرين من بلد الخليل شيخ القراء إبراهيم بن عمر الجعبري ومحمد بن كامل بن تمام التدمري.
ومن القدس الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن جبارة إمام الحنابلة بالمسجد الأقصى.
ومن نابلس عبد الله بن محمد بن يوسف بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن سرور.
وتفردت بالرواية عن هؤلاء فيما أعلم، ووليت وظيفة الإسماع بجامع دمشق وكانت سهلة في السماع لينة للطلبة .
صفحہ 413
توفيت -رحمها الله- يوم الأربعاء قبيل العصر الأربع من جمادى الأولى سنة ست عشرة وثمانمائة وصلي عليها من الغد بالجامع المظفري بفتح قاسيون وكانت جنازتها حفلة.
وأصحاب الحجار المذكور منهم من سماعه منه صحيح ثابت بالتطبيق أو له منه إجازة خاصة بالتحقيق وقد أجاز الحجار إجازة مطلقة هي عند الأئمة محققة، ومنهم من ادعى السماع منه ولم يصح ذلك عنه، ومنهم من ادعي له ذلك فتلقنه، أو ادعي له بعد موته فعلم الناقد بطلانه وتبينه كمن حدث فيما وجدته بخطه بصحيح البخاري عن جماعة منهم قال: وأخبرنا الشيخ زين الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل المعروف بناظر الصاحبة بقراءتي عليه بالجامع المذكور إلى حين وفاته عن الحجار إجازة إن لم يكن سماعا قال أيضا: وأخبرنا الشيخ زين الدين أبو حفص عمر البالسي -رحمه الله- بقراءتي عليه بالجامع المذكور إلى حين وفاته بسماعه من الحجار ثم ذكر إسناد الحجار إلى البخاري.
وهذا باطل يقين.
أما ناظر الصاحبة وهو شيخنا أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن الموفق إسماعيل بن أحمد بن محمد ابن الذهبي التاجر أبوه وهو سبط الإمام يوسف بن السيف يحيى بن الناصح عبد الرحمن ابن الحنبلي فإن مولده كان في سنة سبع وعشرين وسبعمائة وقد حضر على جده ابن الحنبلي المذكور وهو في الخامسة من عمره في شهر رجب وفي شوال كلاهما من سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة فلم يسمع من الحجار.
صفحہ 414
وأما البالسي فهو شيخنا أبو حفص عمر بن الشيخ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عمر بن سلمان بن أبي سالم بن علي البالسي فإن مولده سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وقد حضر في الخامسة من عمره على زينب ابنة الكمال في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين.
وحضر عليها في الرابعة من عمره في شهر رجب وفي شهر رمضان كلاهما من سنة ست وثلاثين وسبعمائة فكيف يسمع من الحجار وقد مات قبل مولده بسنتين ونيف.
وآخر من رأينا وسمعنا ممن روى عن الحجار بالإجازة الخاصة الشيخ المعمر الشريف أبو إسحاق إبراهيم بن حجي بن علي بن عيسى الحسني الخليلي الأطرابلسي كان مولده سنة خمس وعشرين وسبعمائة فيما ذكر لي وتوفي -رحمه الله- بعد سنت ست وعشرين وثمانمائة.
وذكر أنه سمع من الحجار ولم يصح، فمن ادعى بعد موت عائشة ابنة عبد الهادي وإبراهيم المذكورين أنه لقي أحدا ممن سمع من الحجار فقد كذب وكان كلابسي ثوبي زور بين من طلب لأن إبراهيم المذكور فيما نعلم من الأمر المشهور آخر من بقي من الأقطار ممن أجاز له خاصا الحجار وبذكره ختمنا هذا المؤلف المسمى ب ((الانتصار)) ونسأل الله البر الرحيم الجواد الكريم ذا الجلال والإكرام أن ينجينا من النار ويدخلنا الجنة بسلام آمين.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما.
آخر الانتصار لسماع الحجار
علقه مؤلفه محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد -عفا الله عنهم بكرمه-.
صفحہ 415
هذا لفظه بحروفه ومن خطه -أبقاه الله تعالى- نقلت جميع ذلك في ساعة واحدة من يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة الحرام سنة ست وثلاثين وثمانمائة بمنزل صاحبنا الفاضل ناصر الدين أبي عبد الله محمد بن القاضي عماد الدين ابن زريق المقدسي ثم الصالحي الحنبلي بسفح جبل قاسيون بالقرب من دير الحنابلة من صالحية دمشق.
قال ذلك ورقمه لنفسه ثم لمن شاء الله من بعده الفقير إلى الله تعالى العبد محمد المدعو عمر بن محمد بن أبي الخير محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي لطف الله بهم والمسلمين آمين.
والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد وصحبه وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل.
صفحہ 416