36

سعد هيتون لملاحظة اختفاء الضغينة التي كانت أكثر ما ميز ألين فيما مضى، ولم ير خطرا في إعطاء أي معلومات لروح انفصلت عن جسدها من وجهة نظر العالم، فمضى يشرح الموضوع الذي تملك من عقله كله.

وبعد أن فرغ هيتون من الشرح، قال ألين: «هذا مثير جدا.»

ثم افترقا.

انطلق ديفيد ألين من فوره إلى المنزل الذي لم يكن قد رآه منذ اليوم الذي غادره فيه لحضور المحاكمة. ومر بالغرف التي كان يألفها بسرعة حتى دخل الغرفة المغلقة الموجودة في الطابق الأول من الجناح الجنوبي. وكان جسد هيتون على السرير، وقد خلا وجهه من أي لون تقريبا، لكنه كان يتنفس بانتظام، ولو كانت الأنفاس ضعيفة تصعب ملاحظتها، كحركة ميكانيكية داخل تمثال من الشمع.

لو كان في الغرفة حينئذ مشاهد، لرأى عودة اللون ببطء إلى الوجه النائم وهو يبدأ في الاستيقاظ تدريجيا، ثم الجسد وهو ينهض من على السرير.

شعر ألين وهو في جسم هيتون بعدم ارتياح شديد في أول الأمر، كما يشعر الرجل إذا ارتدى بذلة مقاسها لا يناسبه. كما أزعجته الحدود التي فرضتها عليه سكنى جسم بشري من جديد. أجال نظره في الغرفة متفحصا. ووجد أثاثها بسيطا. ووجد على مكتب في زاوية الغرفة مخطوطة كتاب معد للطباعة، مسطور بدقة وتنظيم يميزان رجل العلم. ووجد أعلى المكتب ورقة ملصقة على الحائط معنونة كالتالي: «ما يجب عليك فعله إذا وجدتني هنا في حالة تشبه الموت.» وكانت تحت العنوان تعليمات مكتوبة بوضوح. كان من الواضح أن هيتون لم يضع ثقته في أحد.

إذا عزمت على الانتقام، فيجدر بك أن تجعل انتقامك كاملا بقدر الإمكان. أخذ ألين المخطوطة ووضعها في المدفأة، وأشعل النار بعود ثقاب. وبذلك قضى على فرصة غريمه في ذيوع صيته بعد وفاته، وتخلص أيضا من دليل كان من الممكن في ظروف معينة أن يثبت جنون هيتون.

فتح ألين الباب، وهبط الدرج، فصادف خادما أخبره أن الغداء جاهز. ولاحظ أن الخادم كان واحدا ممن كان قد سرحهم، فأدرك أن هيتون كان قد أعاد تعيين كل الخدم القدامى الذين تقدموا لاستعادة وظائفهم بعد أن ذاعت نتيجة المحاكمة. وقبل أن يفرغ من تناول الغداء لاحظ أن بعضا من خدمه هو أيضا ما زالوا في وظائفهم.

قال ألين للخادم: «استدع حارس حيوانات الصيد للقائي.»

حضر براون الذي كان يعمل في الضيعة لعشرين عاما لم تنقطع إلا في الأشهر القليلة التي طرده فيها ألين من عمله.

نامعلوم صفحہ