على ذلك بحديث "الصَّحيحين" (^١)، في الذين يدخلون الجنَّة بغير حساب: "هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربِّهم يتوكَّلون".
وبأنَّ كبار الصحابة لم يكونوا يسألون النبيَّ ﵌ الدعاء لأنفسهم، بل كانوا يجتهدون في أعمال الخير التي [رضاها] الله تعالى ورسوله ﵌.
وأنَّ الناس بعد النَّبي ﵌ لم يكونوا يسألون كبار الصحابة الدعاء إلَّا ما ندر.
وأنَّ رجلًا كتب إلى عمر [......................................... (^٢)]
والذي تلخَّص لي أنَّ الأصل الجواز، وإنَّما يكره أو يكون خلاف الأولى لعارضٍ.
فمن ذلك: أن تكون الحاجة دنيويَّة غير ضرورية، وهي للطالب نفسه، فالمؤمن يرجو من الله ﷿ أن يختار له ما يعلمه خيرًا له، ودعاؤه لنفسه لا ينافي هذا؛ لأنَّ الدعاء نفسه عبادة، مع أنَّ الله ﷿ قد وعد بالإجابة بقوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: ٦٠].
وفسَّر النَّبيَّ ﵌ الإجابة بقوله: ["ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن تعجل له دعوته وإما أن يدخرها له فى الآخرة وإما أن يصرف عنه من
_________
(^١) البخاري (٥٧٠٥) ومسلم (٢١٨)، من حديث عمران بن حصين ﵄.
(^٢) بيَّض له المؤلِّف، ولم يتبيَّن لي مراده!
6 / 304
مقدمة الرسالة، بيان تفاوت الخلق في مسائل الحق ما بين مشرق ومغرب، ومنها مسألة الشفاعة.