يجب على الدولة ألا تسمح بالمسرحيات والمنشورات وما إلى ذلك من المواد التي تتهكم على معتقدات سياسية معينة، أو تسيء إساءة بالغة على نحو ما لمن يعتنقون تلك المعتقدات.
يجب على شركات الطيران والمدارس عدم السماح باستمرار قواعد الملبس التي تمنع مضيفي الطيران أو تلاميذ المدارس من ارتداء رموز سياسية، إن كان حزب الفرد السياسي، أو ضميره السياسي، يقتضي هذا (وفي حين أن قواعد الملبس لدى المدارس وشركات الطيران قد تمنع الحلي، يجب أن يكون هناك استثناء للشارات الحزبية، مثلا).
يجب على الدولة أن تمول المدارس المنتسبة إلى أحزاب سياسية والمسموح لها بالتمييز ضد كل من الطلبة والمدرسين على أساس المعتقد السياسي.
القوانين المانعة للتمييز التي تسري على الجميع ينبغي ألا تطبق على العاملين بمؤسسات التبني، على سبيل المثال، الذين ينتمون إلى حزب سياسي عنصري والذين يطلب منهم مساعدة الأزواج المختلطي الأعراق على تبني أطفال.
أغلبنا، وفينا أكثرنا تدينا، سيرفض المطالبات الخمس كلها، ولسبب وجيه. ثمة أسباب وجيهة وراء أنه يجب على الدولة ألا تتحيز لحزب سياسي معين، بغض النظر عن مدى سماحة أو نبل مقاصد هذا الحزب. وبالطبع ينبغي السماح لنا بالسخرية من معتقدات الآخرين السياسية والتهكم عليها، بصرف النظر عن الإساءة الناتجة؛ فهذا الحق سمة موجودة في أي ديمقراطية قوية.
لكن التحدي الماثل أمام المؤيدين لنسخ دينية من تلك المطالبات، رغم رفضهم للنسخ السياسية منها، هو تفسير سبب تبرير هذين الموقفين المختلفين من مجموعتي المطالبات المختلفتين.
يمكن إذكاء هذا التحدي بملاحظة أن المعتقدات الدينية هي، في أغلب الأحيان، معتقدات سياسية. تأمل مثلا المعتقدات الدينية المتعلقة بالموقف الأخلاقي من المثليين، ودور المرأة في المجتمع، وأبحاث الخلايا الجذعية، والإجهاض، والجهاد، ودولة إسرائيل، ومسئولياتنا الأخلاقية والمالية تجاه الفقراء؛ هذه المعتقدات كلها سياسية حتى النخاع. وفي واقع الأمر، المنظمات الدينية غالبا ما تكون نشطة سياسيا، وتشكل جماعات ضغط سياسية قوية. إذن، لم ينبغي أن يستتبع إضافة بعد ديني إلى مجموعة من المعتقدات السياسية استحقاق تلك المعتقدات حينها ميزات ممنوحة رسميا لم تكن لتحصل عليها بوضع آخر؟ (5) ردود على التحدي
كيف يمكن أن يرد من يعتقدون بأن الدولة ينبغي أن تنتسب إلى دين وأن تمول المدارس المنتسبة إلى هذا الدين وما إلى ذلك على هذا التحدي؟ إن كانوا ينشدون ألا يتهموا بالتحيز غير المبرر، فعليهم إيجاد اختلاف بين المعتقدات الدينية وغيرها من المعتقدات يبرر تمييز المعتقدات الدينية. دعونا نلق نظرة على أربعة اختلافات قد يفترض أنها تقدم هذا التبرير.
أول الاختلافات بين المعتقدات الدينية والمعتقدات السياسية الأخرى هو أن المعتقدات الدينية تنطوي عادة على إشارة إلى «فاعل أو فاعلين فوق طبيعيين» (الجاينية والبوذية استثناءان لهذه القاعدة). إلا أن هذا بالتأكيد لا يفسر السبب وراء أنه لا ينبغي، على سبيل المثال، السخرية من المعتقدات الدينية. فبعض الناس يؤمنون بكيانات فوق طبيعية أخرى مثل الأشباح والجنيات، إلا أننا لا نفترض أن الدولة ينبغي أن تتدخل لمنع التهكم على تلك المعتقدات.
ثاني اختلاف يفترض البعض أنه يبرر ضرورة تعامل الدولة مع المعتقدات الدينية معاملة مختلفة هو أن المعتقدات الدينية غالبا ما تكون «معتنقة بحماس وعاطفة شديدين». في الواقع، الناس مستعدون للموت في سبيل معتقداتهم الدينية. هل يفسر هذا السبب وراء أن هذه المعتقدات ينبغي أن تمنح مكانة خاصة؟ بإلقاء نظرة عن كثب على الأمر، يسقط هذا التبرير أيضا. فالمعتقدات السياسية اللادينية يمكن اعتناقها بالدرجة نفسها من الحماس والعاطفة. كما أن الناس مستعدون للموت للذود عنها، وهذا أمر واقع بالنسبة إلى كثير من الشيوعيين مثلا. إذن، هل ينبغي أن تمول الدولة المدارس الشيوعية التي تمارس التمييز ضد غير الشيوعيين؟ وهل يجب على الدولة أن تمنع السخرية من المعتقدات الشيوعية؟ بالتأكيد لا.
نامعلوم صفحہ