انسان، حیوان، آلہ: انسانی فطرت کی مستقل تعریف نو

مشیل نشاط شفیق حنا d. 1450 AH
63

انسان، حیوان، آلہ: انسانی فطرت کی مستقل تعریف نو

الإنسان والحيوان والآلة: إعادة تعريف مستمرة للطبيعة الإنسانية

اصناف

وبالإضافة إلى ذلك، لا تحدث الحيوانات التعديلات ذاتها في شبكة العلاقات بين الكائنات، وذلك وفقا لدرجة تعقيدها؛ ومن ثم فإن روح قطة ليست من طبقة روح دودة أرض، وهو ما يتفق بطريقة ما مع رؤية أرسطو. ويرى لازار أن الأشياء نفسها، وهي مجردة بالطبع من الوعي، إذا كانت عاجزة عن امتلاك روح وتعديل شبكة العلاقات، فهي تستطيع مع ذلك استقبال روح «يعكسها» الإنسان فتدخل هكذا فيما تخلفه العلاقات الإنسانية من آثار، مثل «البحيرة» الشهيرة المذكورة في قصيدة الشاعر لامارتين. وتظهر هذه الفرضية الفلسفية المهمة إلى أي مدى يعد مفهوم الروح غنيا، وإلى أي مدى يمكن للمفهوم الأكثر ضيقا عن «الروح الحيوانية» أن يقبل تعريفات متباينة. (2) هل تمتلك الآلات روحا؟

لا، لا تمتلك الآلات روحا وفقا لتعريفها. قد تكون تلك إجابة أولية بسيطة وحاسمة. ففي الازدواجية الديكارتية شبه الهزلية، توجد الآلية التي تفسر غالبية عمل الإنسان، وكذا «العامل الدخيل» الذي يمثل هذا الفارق الذي يميز الإنسان والذي لا تستطيع الآلة إدراكه. ويرى الكثيرون أن العامل الدخيل هو تحديدا الروح التي تعرف فقط بعدم انتمائها للآلية (انظر الفصلين الثاني عشر والثالث عشر).

ولكننا ذكرنا أيضا أن مفهوم الروح قد يختلف وفقا للعادات. فعلى سبيل المثال يرى أفلاطون أن الروح غير مادية ومتنقلة وقادرة على الإقامة في أجساد مختلفة على التوالي. في المقابل يرى أرسطو أن الروح قبل كل شيء مبدأ حياتي مسئول عن حركة الكائنات الحية؛ فهي لا تتنقل من جسد إلى آخر خلافا لما يقوله أفلاطون. وكما سنرى لاحقا، نجد مفاهيم مماثلة في التطورات الأخيرة لعلم تصميم الروبوتات والذكاء الاصطناعي. (2-1) لدى بعض الآلات برامج غير ملموسة ومتنقلة وجسد مادي مستقر

نجد أمثلة واضحة على فكرة وجود روح فاعلة «تسكن» جسدا خامدا، وذلك في العديد من الآلات المبرمجة القديمة والحديثة. وتتسم العديد من الآلات التي صممت في القرن الثامن عشر بنوع من الفصل بين مجموعة ميكانيكية وعملية تشغيل قابلة للبرمجة. فكانت الآلة العازفة للفلوت التي ابتكرها جاك دي فوكونسن على سبيل المثال تستطيع إنتاج اثنتي عشرة نغمة مختلفة. وبإتقان الآلية ذاتها، كانت آلة الكاتب التي صنعها بيير وهنري-لوي جاكيه درو تمتلك أربعين كامة تتحكم في حركة الريشة. وكان الجسم نفسه يستطيع أداء مقاطع مختلفة وفقا لموضع نظام الكامات. ثم تضاعف تدريجيا عدد الأجهزة الميكانيكية التي تتيح البرمجة: آلات نسج وبطاقات مثقوبة وفونوجراف. ثم تطورت عمليات التشغيل في شكل برامج أكثر استقلالية عن الجسم الميكانيكي للآلة.

وقد بلور ظهور الكمبيوتر الرقمي في منتصف القرن العشرين الفصل بين الآلة المادية الخامدة التي تتحكم بها برامج الكمبيوتر من ناحية، وبين الوصف المجرد و«المعلوماتي» للعملية الواجب إجراؤها من الناحية الأخرى. فقد ولد الكائن «المعلوماتي» ويستطيع الانتقال من جسد إلى آخر والتجسد في أشكال مختلفة والسكن في آلات مختلفة. فكانت هذه الآلات بمنزلة ملاك تقني أو روح وفقا للتقاليد المسيحية.

9 (2-2) يبدو أن مفهومي المادي وغير المادي مرتبطان أحدهما بالآخر بصورة وثيقة

لا يمر فصل الروح عن جسد الآلة دون حدوث مشاكل. فقد ظهر في الخمسينيات علمان متكاملان. فمن ناحية عمل الباحثون في الذكاء الاصطناعي على تخيل لوغاريتمات تسمح للآلة بالترتيب والتنبؤ واتخاذ القرار، ومن ناحية أخرى طور علماء الروبوت مستشعرات جديدة (لكشف الحواجز وفهم الطبيعة بصورة أفضل، إلخ.) وأنظمة حركة جديدة (للتنقل والإمساك بالأشياء، إلخ.) موسعين بذلك العالم الذي يمكن للروبوتات أن تتطور فيه.

واختلف العلمان بطبيعة الحال. فلم يعد الكثيرون من الباحثين في الذكاء الاصطناعي يعتبرون الجسد مكونا أساسيا من مكونات بحثهم، بل فضلوا تكثيف جهودهم على وضع نموذج لسلوكيات إدراكية إنسانية معقدة، وأعدوا نماذج للذكاء الإنساني ملائمة للتشخيص الطبي أو لإثبات المبرهنات الرياضية أو للألعاب المنتشرة في المجتمع. وتعزز هذه اللوغاريتمات الرؤية التي تعتبر الذكاء الإنساني قبل كل شيء نظاما يستخدم الرموز. واستحوذت النفسية الإدراكية على هذا الافتراض الذي يؤكد أن عملية معالجة المعلومات تعبر عن آليات الذكاء بصورة أفضل من النظريات السلوكية المنتشرة فيما وراء الأطلنطي. وثمة افتراضات تختزل الفكر في مجموعة من العمليات الحسابية الرمزية فرضت نفسها. أما الجسد فكان منسيا وفصل بصورة لا رجعة فيها عن آليات الذكاء.

وفي حين أنه كان يوجد مجال بحث يستكشف الذكاء بعيدا عن الجسد، عمل مجال آخر بالطريقة ذاتها على تطوير أجساد بلا ذكاء. فقد وضعت الروبوتات الصناعية الأولى في بيئات قابلة للتنبؤ ومحكومة إلى أقصى درجة، فكانت تنفذ حركات معيارية في خطوط تركيبها بالمصانع. وفي ورش العمل كانت تقوم بأعمال نمطية بكل دقة. ولكن للأسف بمجرد أن تعلق الأمر بتطوير آلات في بيئات غير مصطنعة أو غير معروفة مسبقا أو متغيرة، بدت برمجة سلوك الروبوتات مستحيلة.

وفي الفترة من الخمسينيات وحتى نهاية الثمانينيات في القرن العشرين، كان للانفصال بين مصممي «الأجسام» وباحثي «الذكاء» نتائج مباشرة انعكست على أداء الآلات المنتجة. وللخروج من هذا المأزق، ظهرت مدرسة جديدة للتفكير في نهاية الثمانينيات ضمت بعض الباحثين مثل رودني بروكس ولوك ستيلز ورولف فايفر. وكان الذكاء الاصطناعي المجسد يرفض النهج الرمزي وغير المجسد للذكاء الاصطناعي «التقليدي»، وأوضح هؤلاء الباحثون أنه لا ذكاء بلا جسد وبلا بيئة، وأنه لا يمكن وضع نموذج للجسد ولا للبيئة؛ فينبغي إذن على الأبحاث أن تتخلى عن بناء نماذج للواقع الخارجي للتركيز على التفاعل المباشر مع البيئة. ويرى رودني بروكس أن «العالم هو أفضل نموذج لنفسه.»

نامعلوم صفحہ