بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا عونك اللَّهُمَّ قَالَ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن السَّيِّد البطليوسي ﵀
الْحَمد لله مسبغ النعم ومسوغ الْقسم وَالْمُنْفَرد بالقدم وبارئ النسم وموجدنا بعد الْعَدَم وباعث الْعِظَام الهامدة والرمم والمخالف بَين الهيئات والشيم حِكْمَة تاهت فِي فهمها عقول ذَوي الحكم خلق الْأَجْسَام من أضداد متنافرة ابتدعها بقدرته وَألف نقائضها بِحِكْمَتِهِ حَتَّى أبرزها للعيان مُتَغَايِرَة الصُّور والألوان متقنة الأشكال مخترعة على غير مِثَال وَخَالف بَين الآراء والاعتقادات كَمَا خَالف بَين الصُّور والهيئات وَأخْبرنَا بِمَا فِي ذَلِك من وَاضح فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَمن آيَاته خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف أَلْسِنَتكُم وألوانكم إِن فِي ذَلِك لآيَات للْعَالمين﴾
1 / 25
وَقَالَ ﷻ ﴿وَلَا يزالون مُخْتَلفين إِلَّا من رحم رَبك وَلذَلِك خلقهمْ﴾
وَبَين لنا أَنه قدير على غير مَا أجْرى الْعَادة بِهِ فَقَالَ ﴿وَلَو شَاءَ الله لجمعهم على الْهدى فَلَا تكونن من الْجَاهِلين﴾
وَنَبَّهنَا ألطف تَنْبِيه على مَا فِي هَذَا الْخلاف الْمَوْجُود فِي الْبشر المركوز فِي الْفطر من الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَأَنه جعله احدى الدَّلَائِل على صِحَة الْبَعْث الَّذِي أنكرهُ من ألحد فِي أَسْمَائِهِ وَكفر بسوابغ نعمائه فَقَالَ وَقَوله الْحق ووعده الصدْق ﴿وأقسموا بِاللَّه جهد أَيْمَانهم لَا يبْعَث الله من يَمُوت بلَى وَعدا عَلَيْهِ حَقًا وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ ليبين لَهُم الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وليعلم الَّذين كفرُوا أَنهم كَانُوا كاذبين﴾
1 / 26
وَهَذِه الْآيَة أحد مَا تضمنه الْقُرْآن الْعَزِيز من الْأَدِلَّة البرهانية على صِحَة الْبَعْث وَوجه الْبُرْهَان المنفك من هَذِه الأية الَّتِي لَا يقدرها حق قدرهَا الا الْعَالمُونَ وَلَا ينتبه لغامض سرها الا المستبصرون أَن اخْتِلَاف النَّاس فِي الْحق لَا يُوجب احتلاف الْحق فِي نَفسه وانما تحتلف الطّرق الموصلة اليه والقياسات المركبة عَلَيْهِ وَالْحق فِي نَفسه وَاحِد
فَلَمَّا ثَبت أَن هَهُنَا حَقِيقَة مَوْجُودَة لَا محَالة وَكَانَ لَا سَبِيل لنا فِي حياتنا هَذِه الى الْوُقُوف عَلَيْهَا وقوفا يُوجب لنا الائتلاف وَيرْفَع عَنَّا الِاخْتِلَاف اذ كَانَ الِاخْتِلَاف مركوزا ٢ ب فِي فطرنا مطبوعا فِي خلقنَا وَكَانَ لَا يُمكن ارتقاعه وزواله الا بارتفاع هَذِه الْخلقَة ونقلنا الى جبلة غير هَذِه الجبلة صَحَّ ضَرُورَة أَن لنا خياة أُخْرَى غير هَذِه الْحَيَاة فِيهَا يرْتَفع الْخلاف والعناد وتزول من صدورنا الضغائن الكامنة والأحقاد وَهَذِه هِيَ الْحَال الَّتِي وعدنا الله تَعَالَى بالمصير اليها فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورهمْ من غل إخْوَانًا على سرر مُتَقَابلين﴾
1 / 27
وَلَا بُد من كَون ذَلِك باضطرار اذ كَانَ وجود الِاخْتِلَاف يَقْتَضِي وجود الائتلاف لِأَنَّهُ ضرب وَنَوع من الْمُضَاف
وَكَانَ لَا بُد من حَقِيقَة وان لم نقل ذَلِك صرنا الى مَذْهَب السوفسطائية فِي نفي الْحَقَائِق فقد صَار الْخلاف الْمَوْجُود فِي الْعَالم كَمَا ترى أوضح الدَّلَائِل على كَون الْبَعْث الَّذِي يُنكره المنكرون وينازع فِيهِ الْمُلْحِدُونَ الْكَافِرُونَ
فسبحان من أودع كِتَابه الْعَزِيز تَصْرِيحًا وتلويحا كل لَطِيفَة لمن قدره حق قدره ووفق لفهم غوامض سره
وَصلى الله على من هدَانَا بِهِ من الضَّلَالَة وَعلمنَا بعد الْجَهَالَة واياه يسْأَل أَن يوفقنا لاقتفاء آثاره ختى يحلنا دَار المقامة فِي جواره
واني لما رَأَيْت النَّاس قد أفرطوا فِي التَّأْلِيف وأملوا الناظرين بأنواع التصنيف فِي أَشْيَاء مَعْرُوفَة وأساليب مألوفة يُغني بَعْضهَا
1 / 28
عَن بعض صرفت خاطري الى وضع كتاب فِي أَسبَاب الْخلاف الْوَاقِع بَين الْأمة قَلِيل النظير نَافِع لِلْجُمْهُورِ عَجِيب المنزع غَرِيب المقطع يشبه المخترع وان كَانَ غير مخترع ينتمي الى الدّين بِأَدْنَى نسب وَيتَعَلَّق من اللِّسَان الْعَرَبِيّ بأقوى سَبَب ويخبر من تَأمل غَرَضه ومقصده بِأَن الطَّرِيقَة الْفِقْهِيَّة مفتقرة الى علم الْأَدَب مؤسسة على أصُول كَلَام الْعَرَب وَأَن مثلهَا وَمثله قَول أبي الْأسود الدؤَلِي ... فالا يكنها أَو تكنه فانه ... أَخُوهَا غذته أمه بلبانها ... وَلَيْسَ غرضي من كتابي هَذَا أَن أَتكَلّم فِي الْأَسْبَاب الَّتِي أوجبت الْخلاف الْأَعْظَم بَين من سلف وَخلف من الْأُمَم وانما غرضي أَن أذكر الْأَسْبَاب الَّتِي أوجبت الْخلاف بَين أهل ملتنا الحنيفية الَّتِي جعلنَا الله تَعَالَى من أَهلهَا وهدانا الى وَاضح سبلها حَتَّى صَار من فقهائهم الْمَالِكِي وَالشَّافِعِيّ والحنفي وَالْأَوْزَاعِيّ وَمن ذَوي مقالاتهم
1 / 29
الجبري والقدري والمشبه والجهمي وَمن شيعهم
1 / 30
الزيدي والرافضي والسبئي والغرابي والمخمس والمحمدي وَغير هَؤُلَاءِ من الْفرق الثَّلَاث وَالسبْعين الَّتِي نَص عَلَيْهَا رَسُول الله ﷺ
1 / 31
وَلَا غرضي أَيْضا أَن أحْصر أَصْنَاف الْمذَاهب والآراء واناقض ذَوي الْبدع المضللة والأهواء لِأَن هَذَا الْفَنّ من الْعلم قد سبق اليه وَنبهَ فِي مَوَاضِع كَثِيرَة عَلَيْهِ وانما غرضي أَن أنبه على الْمَوَاضِع الَّتِي مِنْهَا نَشأ الْخلاف بَين الْعلمَاء حَتَّى تباينوا فِي الْمذَاهب والآراء
وَأَنا أسترشد الله تَعَالَى الى سَبِيل الْحق وأستهديه وأسأله العون على مَا أحاوله وأنويه وأرغب اليه أَن يعصمني من الزلل فِيمَا أقوله وأحكيه ونه ولي الطول ومسديه لَا رب سواهُ وَلَا معبود حاشاه
1 / 32
ذكر الْأَسْبَاب الْمُوجبَة للْخلاف كم هِيَ
أَقُول وَبِاللَّهِ أَعْتَصِم واليه أفوض فِي جَمِيع أَمْرِي وَأسلم ان الْخلاف عرض لأهل ملتنا من ثَمَانِيَة أوجه كل ضرب من الْخلاف متولد مِنْهَا متفرع عَنْهَا
الأول مِنْهَا اشْتِرَاك الْأَلْفَاظ والمعاني
وَالثَّانِي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز
وَالثَّالِث الافراد والتركيب
وَالرَّابِع الْخُصُوص والعموم
وَالْخَامِس الرِّوَايَة وَالنَّقْل
وَالسَّادِس الإجتهاد فِيمَا لَا نَص فِيهِ
وَالسَّابِع النَّاسِخ والمنسوخ
وَالثَّامِن الأباحة والتوسع
وَنحن نذْكر من كل نوع من هَذِه الْأَنْوَاع أَمْثِلَة تنبه قَارِئ كتَابنَا هَذَا على بقيتها اذ كَانَ اسْتِيفَاء جَمِيع ذَلِك من المتعذر على من حاوله وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق لَا رب غَيره
1 / 33
الْبَاب الأول فِي الْخلاف الْعَارِض من جِهَة اشْتِرَاك الْأَلْفَاظ واحتمالها للتأويلات الْكَثِيرَة
1 / 35
هَذَا الْبَاب يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام
أَحدهَا اشْتِرَاك فِي مَوْضُوع اللَّفْظَة المفردة
وَالثَّانِي اشْتِرَاك فِي احوالها الَّتِي تعرض لَهَا من اعراب وَغَيره
وَالثَّالِث اشْتِرَاك يُوجِبهُ تركيب الْأَلْفَاظ وَبِنَاء بَعْضهَا على بعض
فَأَما الِاشْتِرَاك الْعَارِض فِي مَوْضُوع اللَّفْظَة المفردة فنوعان
اشْتِرَاك يجمع مَعَاني مُخْتَلفَة متضادة واشتراك يجمع مَعَاني مُخْتَلفَة غير متضادة
فَالْأول كالقرء ذهب الحجازيون من الْفُقَهَاء الى أَنه الطُّهْر وَذهب الْعِرَاقِيُّونَ الى أَنه الْحيض وَلكُل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ ٣ ب شَاهد من الحَدِيث وَمن اللُّغَة
1 / 37
أما حجَّة الْحِجَازِيِّينَ من الحَدِيث فَمَا رُوِيَ عَن عمر وَعُثْمَان وَعَائِشَة وَزيد بن ثَابت ﵃ أَنهم قَالُوا الْأَقْرَاء الْأَطْهَار
وَأما حجتهم من اللُّغَة فَقَوْل الْأَعْشَى ... وَفِي كل عَام انت جاشم غَزْوَة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا ... مورثة مَالا وَفِي الْحَيّ رفْعَة ... لما ضَاعَ فِيهَا من قُرُوء نسائكا ...
1 / 38
وَأما حجَّة الْعِرَاقِيّين من الحَدِيث فَقَوْل النَّبِي ﷺ للمستحاضة اقعدي عَن الصَّلَاة أَيَّام أَقْرَائِك
واما حجتهم من اللُّغَة فَقَوْل الراجز ... يَا رب ذِي ضغن عَليّ فارض ... لَهُ قُرُوء كقرء الْحَائِض ... وَقد حكى يَعْقُوب بن السّكيت وَغَيره من اللغويين أَن الْعَرَب تَقول
1 / 39
أَقرَأت الْمَرْأَة اذا طهرت وأقرأت اذا حَاضَت وَذَلِكَ أَن الْقُرْء فِي كَلَام الْعَرَب مَعْنَاهُ الْوَقْت فَلذَلِك صلح للطهر وَالْحيض مَعًا
وَيدل على ذَلِك قَول الشَّاعِر ... شنئت الْعقر عقر بني شليل ... اذا هبت لِقَارِئِهَا الرِّيَاح ...
وَقد احْتج بعض الْحِجَازِيِّينَ لقَولهم بقوله ﵎ ﴿ثَلَاثَة قُرُوء﴾ فَأثْبت الْهَاء فِي ثَلَاثَة فَدلَّ ذَلِك على أَنه أَرَادَ الْأَطْهَار وَلَو أَرَادَ الْحيض لقَالَ ثَلَاث قُرُوء لِأَن الْحيض مُؤَنّثَة
1 / 40
وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ عِنْد أهل النّظر وانما الْحجَّة مَا قدمْنَاهُ وانما لم تكن فِيهِ حجَّة لِأَنَّهُ لَا يُنكر أَن يكون الْقُرْء لفظا مذكرا يعْنى بِهِ الْمُؤَنَّث وَيكون تذكير ثَلَاثَة حملا على اللَّفْظ دون الْمَعْنى كَمَا تَقول الْعَرَب جَاءَنِي ثَلَاثَة أشخص وهم يعنون نسَاء
وَالْعرب تحمل الْكَلَام تَارَة على اللَّفْظ وَتارَة على الْمَعْنى أَلا ترى الى قِرَاءَة الْقُرَّاء ﴿بلَى قد جاءتك آياتي فَكَذبت بهَا واستكبرت﴾ بِكَسْر الْكَاف وَالتَّاء وفتحهما
وَوُقُوع الْأَسْمَاء على المسميات فِي كَلَام الْعَرَب يَنْقَسِم أَرْبَعَة أَقسَام
أَحدهَا أَن يكون الْمُسَمّى مذكرا واسْمه مُذَكّر كَرجل يُسمى بزيد أَو عَمْرو
وَالْآخر أَن يكون الْمُسَمّى مؤنثا وأسمه مؤنث كإمرأه تسمى فَاطِمَة
1 / 41
وَالثَّالِث أَن يكون الْمُسَمّى مؤنثا واسْمه مُذَكّر كإمرأة تسمى جَعْفَر وَزيد قَالَ الشَّاعِر
يَا جَعْفَر يَا جَعْفَر يَا جَعْفَر
ان أك دحداحا فَأَنت أقصر ... أَو أك ذَا شيب فَأَنت اكبر
غَرَّك سربال عَلَيْك أَحْمَر ... ومقنع من الْحَرِير أصفر وَتَحْت ذَاك سؤاة لَو تذكر
وَالرَّابِع أَن يكون الْمُسَمّى مذكرا واسْمه مؤنث كَرجل يُسمى طَلْحَة وَحَمْزَة
وَهَذَا لَا يخص الْأَسْمَاء الْأَعْلَام دون الْأَجْنَاس والأنواع
وَهَكَذَا مَذْهَب الْعَرَب فِي الصّفة والموصوف فَرُبمَا كَانَ الْمَوْصُوف مطابقا لصفته فِي التَّذْكِير والتأنيث كَقَوْلِهِم هَذَا رجل قَائِم وَهَذِه امْرَأَة قَائِمَة
وَرُبمَا كَانَ مُخَالفا لصفته فِي التَّذْكِير والتأنيث كَقَوْلِهِم رجل ربعَة وعلامة ونسابة
وَفِي الْمُؤَنَّث امْرَأَة حاسر وعاشق
1 / 42
قَالَ ذُو الرمة ... وَلَو أَن لُقْمَان الْحَكِيم تعرضت ... لعينيه مي حاسرا كَاد يَبْرق ... فقد تبين أَنه لَا حجَّة فِي دُخُول الْهَاء فِي ثَلَاثَة
وَمن الْأَلْفَاظ الْمُشْتَركَة الْوَاقِعَة على الشَّيْء وضده قَوْله تَعَالَى ﴿فَأَصْبَحت كالصريم﴾
قَالَ بعض الْمُفَسّرين مَعْنَاهُ كأنهار المضيء بَيْضَاء لَا شَيْء فِيهَا
وَقَالَ آخَرُونَ كالليل المظلم سَوْدَاء لَا شَيْء فِيهَا
وكلا الْقَوْلَيْنِ مَوْجُود فِي اللُّغَة أما من قَالَ كالنهار المضيء فحجته قَول زُهَيْر
1 / 43
. بكرت عَلَيْهِ غدْوَة فرأيته ... قعُودا لَدَيْهِ بالصريم عواذله ... يَعْنِي الصَّباح
وَأما من قَالَ كالليل فحجته قَول الراجز تهوي هوي أنجم الصريم
وَقَالَ آخر ... كأنا والرحال على صوار ... برمل خزاق أسلمه الصريم ... وَقَالَ بَعضهم مَعْنَاهُ انحسر عَنهُ الرمل وَقَالَ قوم مَعْنَاهُ خرج من اللَّيْل وانجلى عَنهُ كَمَا قَالَ النَّابِغَة ... حَتَّى غَدا فِي بَيَاض الصُّبْح منصلتا ... يقرو الأماعز من لبنان والأكما ...
1 / 44
وانما سمي كل وَاحِد مِنْهُمَا صريما لِأَنَّهُ ينصرم اذا وافى الآخر
وَالْمعْنَى أَيْضا يشْهد لكل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ لِأَن الْعَرَب تَقول لَك بَيَاض الأَرْض وسوادها يعنون بالبياض مَا لَا عمَارَة فِيهِ وبالسواد مَا فِيهِ الْعِمَارَة فَهَذَا مَا يحْتَج بِهِ لمن ذهب الى معنى الْبيَاض
وَمن ذهب الى معنى السوَاد فانما أَرَادَ أَنَّهَا احترقت برِيح صر أَو نَار كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿فأصابها إعصار فِيهِ نَار فاحترقت﴾
وَمن هَذَا النَّوْع قَول أبي بكر ﵁ طُوبَى لمن مَاتَ فِي النأنأة فانه يحْتَمل أَن يُرِيد أول الاسلام عِنْد قُوَّة البصائر قبل وُقُوع الْخلاف وَيحْتَمل أَنه يُرِيد بِهِ آخر الْإِسْلَام اذا ضعفت البصائر وَكَثُرت الْبدع وَالْخلاف
1 / 45
وَيدل على صِحَة الْمَعْنيين جَمِيعًا قَوْله ﷺ ان الأسلام بَدَأَ غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بَدَأَ فطوبى للغرباء
والنأنأة عِنْد الْعَرَب الضعْف لَا يخص الصغر دون الْكبر
قَالَ امْرُؤ الْقَيْس فِي ذَلِك ... لعمرك مَا سعد بخلة آثم ... وَلَا نأنأ يَوْم الْحفاظ وَلَا حصر ...
وتأوله أَبُو عبيد على أَنه أَرَادَ بِهِ أول الأسلام وَلَيْسَ فِي لفظ الحَدِيث مَا يَقْتَضِي ذَلِك على أَن بعض الروَاة قد روى فِي النأنأة الأولى فان كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا فَالْقَوْل مَا قَالَ أَبُو عبيد
وَمن هَذَا النَّوْع قَوْله ﷺ قصوا الشَّوَارِب وأعفوا اللحى
1 / 46