الْعَرَب عذرا فِي الْإِعْرَاض عَن السّنة إِلَى غَيرهَا
وثالثهم أَبُو دَاوُد السجسْتانِي وَكَانَ همه جمع الْأَحَادِيث الَّتِي اسْتدلَّ بهَا الْفُقَهَاء ودارت فيهم وَبنى عَلَيْهَا الْأَحْكَام عُلَمَاء الْأَمْصَار فصنف سنَنه وَجمع فِيهَا الصَّحِيح وَالْحسن واللين والصالح للْعَمَل قَالَ أَبُو دَاوُد وَمَا ذكرت فِي كتابي حَدِيثا أجمع النَّاس على تَركه وَمَا كَانَ مِنْهَا ضَعِيفا أصرح بضعفه وَمَا كَانَ فِيهِ عِلّة بينتها بِوَجْه يعرفهُ الخائض فِي هَذَا الشَّأْن وَترْجم على كل حَدِيث بِمَا قد استنبط مِنْهُ عَالم وَذهب إِلَيْهِ ذَاهِب وَلذَلِك صرح الْغَزالِيّ وَغَيره بِأَن كِتَابه كَاف للمجتهد
ورابعهم أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ وَكَأَنَّهُ اسْتحْسنَ طَريقَة لِلشَّيْخَيْنِ حَيْثُ بَينا وَمَا أبهما وَطَرِيقَة أبي دَاوُد حَيْثُ جمع كل مَا ذهب إِلَيْهِ ذَاهِب فَجمع كلتا الطريقتين وَزَاد عَلَيْهِمَا بَيَان مَذَاهِب الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وفقهاء الْأَمْصَار فَجمع كتابا جَامعا وَاخْتصرَ طرق الحَدِيث اختصارا لطيفا فَذكر وَاحِد وَأَوْمَأَ إِلَى مَا عداهُ وَبَين أَمر كل حَدِيث من أَنه صَحِيح أَو حسن أَو ضَعِيف أَو مُنكر وَبَين وَجه الضعْف ليَكُون الطَّالِب على بَصِيرَة من أمره فَيعرف مَا يصلح للاعتبار مِمَّا دونه وَذكر أَنه مستفيض أَو غَرِيب وَذكر مَذَاهِب الصَّحَابَة وفقهاء الْأَمْصَار وسمى من يحْتَاج إِلَى التَّسْمِيَة وكنى من يحْتَاج إِلَى التكنية فَلم يدع خَفَاء لمن
1 / 56