انصاف
الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري، عن أبي العلاء المعري
اصناف
والرائد لا يكذب أهله. وأما العبد إذا كذب [سيده] (¬1) فبعد ولا سعد. والجاهل من لا يعرف نفسه، والذاهل من لا يذكر أمسه. ولنفسي الجانية أقول: أعييتني بأشر. فكيف (¬2) بدردر. أعيت رياضة الهرم، وعصر الماء من الجمر المضطرم. إن كذبت، فعن الخير أعذبت. ما اعتزلت، حتى جددت وهزلت، فوجدتني لا أصلح لجد ولا هزل، فعندها قنعت بالأزل. وما حمامة ذات طوق، يضرب بها المثل في الشوق، كانت في وكر (¬3) مصون، بين الشجر والغصون؛ تألف من أبناء جنسها ريدا، فيتراسلان تغريدا؛ مسكنها (¬4) نعمان الأراك، تأمن به غوائل الأشراك، تمر في بكراتها بالبيت الحرام، لا تفرق لطريق (¬5) صائد ولا رام؛ فغرها القدر فخرجت من الأرض المحرمة، فأصبحت وهي جد مغرمة؛ صادها وليد في الحل، ما حفظ لها من إل؛ فأودعها سجنا للطير، ومنعها من كل مير؛ فإذا رأت من خصائص (¬6) القفص بواكر الحمام، ظلت تمارس من (¬7) جرع الحمام، تسأل بطرفها أخاها، ما فعل بعدها فرخاها؛ فيقول: أصبحا ضائعين، قد سترهما الورق من كل عين.
فريخان ينضاعان في الفجر كلما ... أحسا دوي الريح أو صوت ناعب
-بأشوق إلى العيشة النضرة، مني إلى تلك الحضرة. لكن صنع الزمان ما هو صانع، واعترض دون الخير مانع؛ حال الغصض، دون القصص؛ والجريض، دون القريض. المورد نمير أزرق (¬8) ، ولكن المدنف بالشراب يشرق (¬9) .
صفحہ 95