وبينما هما في ذلك إذ سمعا وقع أقدام طهماز داخلا الغرفة وهو يقول: «اسمعي يا توحيدة إن صائب بك يحب أن يكلم شيرين رأسا، لعلها تقتنع بكلامه.»
فلما سمعت شيرين قوله وثبت عن السرير ووقفت وأسندت يدها إلى إحدى قوائمه وقد حولت وجهها عن باب الغرفة، كأنها تحاذر أن يقع بصرها على ذلك الرجل الذي لا تقدر أن تتخيله.
فأعاد طهماز كلامه قائلا: «إن صائب بك يريد أن يكلم شيرين على انفراد.»
فارتبكت توحيدة من هذا الاقتراح لأنه يخالف العوائد المألوفة، ونظرت إلى زوجها كأنها تستشيره فقال: «دعيهما فربما كان صائب بك أقدر على إقناعها منا، وهو لم يقدم على ذلك طبعا إلا لشدة محبته. وأظن شيرين لا ترفض هذا الطلب مني أيضا.»
أما شيرين فاستجمعت رشدها وتجلدت، وأحست بميل إلى مخاطبة غريمها وهي في تلك الحال من الغضب، لتقول له في وجهه ما تعتقده فيه وتشفي غليلها بتوبيخه وتعنيفه، والتفتت إلى أبيها وقالت: «لا بأس من دخوله.»
كان صائب واقفا بالباب ينتظر الإذن في الدخول، فلما سمع كلام شيرين استبشر كما استبشر أبوها أيضا. ثم خرج أبوها من الغرفة ودخل صائب وهو ينظر إلى شيرين نظر المحب الولهان، ويتشاغل بإصلاح نظارته بإحدى يديه وقد حمل بيده الأخرى العلبة وفيها الحلية المرصعة. فلما دنا منها وهي واقفة بجانب السرير التفتت إليه شزرا وقالت: «ما الذي تريده يا سيدي؟»
فتقدم بلطف كأنه يحاذر أن يدنو منها وقال: «أريد رضاك.»
قالت: «وما الذي يهمك من رضاي؟»
قال: «ذلك كل ما يهمني، فإذا حصلت عليه فقد حصلت على السعادة، وتكونين أنت سعيدة أيضا، بل تكونين أسعد مخلوقة على وجه الأرض.» قال ذلك بنغمة التذلل والتودد.
فقالت: «أية علاقة بين سعادتي وسعادتك؟»
نامعلوم صفحہ