فالتفت طهماز إلى توحيدة وهز رأسه استنكافا من تصرف ابنته، فوقعت توحيدة في حيرة وخافت الفضيحة فأشارت إلى زوجها إشارة الاستمهال، وأومأت إليه بعينيها أن يخرج ويتركها معها على انفراد فربما استطاعت إقناعها، فتنحى إلى بعض جوانب الغرفة ثم خرج، فعلمت شيرين بخروجه من صوت مشيه ومن سعاله وهو خارج، ثم سمعت والدتها تهمس في أذنها قائلة: «لا يليق يا حبيبتي أن تجيبي أباك على هذه الصورة، ولو علمت ما فعلوه برامز بعد القبض عليه لما ...»
فقطعت كلامها قائلة: «لقد علمت بكل شيء.»
فقالت: «هل علمت أنهم سيأخذونه الليلة إلى الأستانة بأمر من السلطان؟»
قالت: «نعم، وأنا أتوقع أعظم من ذلك.»
قالت: «فتبصري إذن المركز الحرج الذي نحن فيه، وأنا على يقين أننا إذا سايرنا صائب بك فإنه ينقذ رامزا وينقذنا إذا لحقتنا تهمة بسببه. بالله ألا خففت من جفائك وسايرت أباك بحسب الظاهر لنرى ما يكون! قومي قبلي يده وخذي الهدية فإنها لا تقدم ولا تؤخر.»
فرفعت شيرين رأسها عن الوسادة وقد احمرت عيناها كأنها محمومة، وتكسرت أهدابها من فرط البكاء وقالت: «لم أكن أحسبك تصدقين الأكاذيب أو تنخدعين بأقوال المنافقين. وهبي أن الرجل صادق فيما يقول فإني لا أستطيع أن أتصوره ولا أقبل شيئا منه، لا تتعبي نفسك.»
قالت: «أخاف أن تندمي يا شيرين إذا علمت بعدئذ أنه كان في إمكانك أن تنقذي رامزا من الخطر ولم تفعلي.»
فصرت بأسنانها وهي تتنهد وقالت: «لا، لن أندم لأن هذا الرجل الذي يدعي الغيرة علينا وعلى رامز هو الذي رماه في ذلك الفخ.»
فغطت توحيدة فم شيرين بكفها مخافة أن يسمعها أحد، وقالت بصوت ضعيف: «لا نقدر أن نثبت هذه التهمة، وما علينا إلا أن نتبع الكاذب إلى باب الدار.»
فبادرتها قائلة: «كفى يا أماه، إني لم أعد أستطيع صبرا على هذا الجدال، إن موتي وموت رامز أهون علي من قبول هذا الرجل.» قالت ذلك وشرقت بريقها وعادت إلى البكاء.
نامعلوم صفحہ