يضحكان ويرددان معا: عالم جديد ممكن.
كان في جوارها جورج جالسا على شلتة فوق الأرض وهي متمددة فوق الأريكة، مد يده وأمسك يدها، الخفقات القوية التي تحت ضلوعها لم تكن تحس بها منذ الطفولة. - فؤادة أتعرفين؟ - ماذا؟ - أنني أحبك؟
دب الصمت، لم تعد تسمع إلا الدقات تحت ضلوعها.
بدت كلمة الحب بالإنكليزية مختلفة، محملة بشحنة أكبر من العمق والجدية، قال: منذ أول لقاء لنا منذ عشر سنوات، وأنا أحبك يا فؤادة.
دخلت في تلك اللحظة باتريشيا وهي تحمل باقة من الزهور، ومن خلفها إرنست يجر عربة صغيرة محملة بالخضراوات الطازجة من المزرعة، ويهتف: هيا يا أصدقائي إلى المطبخ، حان موعد الطعام، خبزت لكل واحد منكم رغيفا بحجم القمر من دقيق الذرة، ولكل منكم طاجن أرز بني بالشعيرية في الفرن وصحن صلطة كبير، مع طماطم وخس وبصل وجزر وخيار وكرفس وكل ما تخرجه الأرض، وأنت يا باتريشيا عليك أن تفتحي زجاجة الشامبانيا لأن عضلاتك أقوى من عضلاتي. وانطلقت الضحكات، وساروا إلى مائدة الطعام الصغيرة في المطبخ الكبير، جدرانه من الزجاج، تكشف المزرعة والسماء وضوء القمر المنعكس على النهر، وفي ركن من المطبخ نافورة ماء تحيط بها نباتات وشجيرات خضراء، وحول المائدة أربعة كراسي، قال إرنست: لا ندعو إلى المزرعة إلا اثنين فقط ممن نحبهم. وسرى الدفء وحرارة الصداقة والصدق بالرغم من البرودة في الخارج.
اللقاء
بعد العشاء، ارتدوا المعاطف وخرجوا يتمشون في جوار النهر، أمسكت باتريشيا يد إرنست، وأمسك جورج يد فؤادة، انطلقت باتريشيا تجري وتصفق بذراعيها وتهتف: يسقط النظام.
وراح الجميع يرددون وراءها: يسقط النظام.
همس جورج في أذن فؤادة: هل تأخذينني معك إلى الخيمة في ميدان التحرير؟ - متى تأتي يا جورج؟ - أي وقت تشائين. - سأكتب إليك من القاهرة.
في مطار كينيدي تعانقا، تعاهدا على اللقاء، ناولها باقة ورد أبيض وأحمر، لم تنظر إلى عينيه، ابتلعت دموعها وتشاغلت بالبحث عن أوراق السفر في حقيبة يدها، لوح لها بيده وهي تختفي وراء الحاجز، وعاد في طريقه وهو يشعر بشيء ثقيل في صدره، وبين جفونه دمعة محبوسة لم تسقط.
نامعلوم صفحہ