احتج بعضهم في هذا بقول الله تعالى: ﴿لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا﴾ قالوا: فنهوا عن لفظة (راعنا) لتذرعهم بها إلى سب النبي ﷺ، وهذا لا حجة لهم فيه، لأن الحديث الصحيح قد جاء بأنهم كانوا يقولون: راعنا من الرعونة، وليس هذا مسندًا، وإنما هو قول لصاحب ولم يقل الله تعالى ولا رسوله ﷺ: إنكم إنما نهيتم عن قول راعنا لتذرعكم بذلك إلى قول راعنا، وإذا لم يأت بذلك نص عن الله تعالى، ولا عن رسوله ﷺ في قول أحد دونه) (^١).
النتيجة:
ما ذهب إليه السعدي ومن وافقه هو الصحيح، فلا حجة في كلام ابن حزم يعتمد عليها،
وما قاله إنما هو بناء على إنكاره قاعدة سد الذرائع، وهي قاعدة لها أدلة وشواهد كثيرة في النصوص، وأما قوله إن ما ورد إنما هو قول صاحب، فهذا القول جاء عن ابن عباس ﵄ (^٢)، وهو من أعلم الناس بالتأويل، ولم يعلم أن أحدًا أنكر عليه هذا القول من الصحابة، فيكون قوله حجة. والله أعلم.
لزوم الأدب باستعمال الألفاظ الحسنة المحضة وترك غيرها
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)﴾ (البقرة: ١٠٤).
١٩ - قال السعدي ﵀: (. . . وفيه الأدب، واستعمال الألفاظ، التي لا تحتمل إلا الحسن، وعدم الفحش، وترك الألفاظ
(^١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام (٢/ ١٨٥).
(^٢) انظر: النكت والعيون (١/ ١٦٩).