فيه من حوادث عظام، وعلى هذا فلا منافاة بين الاستنباطين. والله أعلم.
طلب العبد الإعانة من الله دليل على أن العبد فاعل للأشياء ليس مجبورًا عليها
قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ (الفاتحة: ٥).
٢ - قال السعدي ﵀: (وتضمنت إثبات مذهب أهل السنة والجماعة في القدر، وأن جميع الأشياء بقضاء الله وقدره، وأن العبد فاعل حقيقة، ليس مجبورًا على أفعاله (^١)، وهذا يفهم من قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾، فلولا أن مشيئة العبد مضطر فيها إلى إعانة ربه وتوفيقه لم يسأل الاستعانة). ا. هـ (^٢)
الدراسة:
استنبط السعدي من هذه الآية مسألة عقدية وهي أن العبد فاعل للفعل حقيقة وليس مجبورًا على فعله ووجه استنباط ذلك من الآية أنه يطلب من الله الإعانة على العبادة ولا يكون ذلك إلا لمن يفعل العبادة باختياره، وهذه الآية تدل على هذا الاستنباط بدلالة اللزوم لأن من لازم طالب الإعانة على العبادة أن يكون فاعلًا للعبادة باختياره لا مجبورًا عليها وإلا لم يكن لطلبه معنى.
(^١) خلافًا للجبرية الذين غلوًا في إثبات القدر حتى أنكروا أن يكون للعبد فعل حقيقة بل هو في زعمهم لا حرية له، ولا اختيار، ويكفي في رد باطلهم هذا أن ما زعموه فيه اتهام باطل لله ﷿ بالظلم للعباد بتكليفهم مالا قدرة لهم عليه ومجازاتهم على ما ليس من فعلهم، تعالى الله عن ذلك. انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية (٨/ ١١٨ و٣٩٣)، وبدائع الفوائد (٤/ ١٦١٥)، والملل والنحل (١/ ٨٥)، وشرح العقيدة الواسطية للهراس (١٨٧).
(^٢) انظر: تيسير اللطيف المنان لابن سعدي (١٢).