امبراطوریہ اسلامیہ
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
اصناف
في هذا العالم الوثني الذي لم يتخط الشعور فيه آثار الحس المباشر، سما بنو إسرائيل إلى مراتب التجريد وألهموا سر الوجود، وهداهم خالق الكون إلى وحدانيته وصمدانيته وبذلك كانوا شعبه المختار.
وفي هذا العالم الذي كانت المعابد تقوم فيه، يذكر فيها آمون رع بمصر، ويذكر أبولون باليونان، وتذكر فيها نار المجوس بفارس؛ ذهب إبراهيم موغلا في الصحراء حتى بلغ مكة، فوضع فيها القواعد لأول بيت رفع للناس يذكر فيه اسم الله وحده لا شريك له.
في هذه الفلاة الموحشة أقام إبراهيم وإسماعيل قواعد البيت بعيدا عن غزو الغزاة وعبث الطامعين، فلما قويت شوكة إسرائيل بعث الله كليمه موسى، فسار بمن كان منهم بمصر إلى وطن إسرائيل بكنعان من أرض فلسطين، داعيا إلى عبادة الله وحده، ونبذ ما يدعو المصريون واليونان والفرس إليه من عبادة مظاهر الطبيعة، فالطبيعة ومظاهرها ليست إلا بعض ما خلقه الله جل شأنه وتعالت أسماؤه. •••
ولقي موسى وأهله عنتا من فرعون وقومه، وكانت فلسطين خاضعة يومئذ لحكم مصر، فاستقلت من بعد، وتولى أمرها داود، ثم ابنه سليمان، فأقام داود النواة الأولى للهيكل المقدس، وأقام سليمان الهيكل كله في بهائه وفخامته وجلاله، أقيم هذا الهيكل يذكر فيه اسم الله وحده لا شريك له، وأقيم في فخامة تضارع فخامة المعابد المصرية التي تؤله فيها مظاهر الطبيعة. (3) حضارة إسرائيل
وآن لبني إسرائيل أن يقيموا حضارة، وأن يذكروا في الأرض اسم الله وحكمه وشريعته. بذلك أثاروا عليهم ثائرة الفراعنة وثائرة الفرس، وغزا الفراعنة فلسطين، فوجدوا في دين موسى من أثر عباداتهم ما صدهم عن محاربة هذا الدين وعن التعرض لهيكله الأقدس. وغزا الفرس فلسطين من بعد ذلك، فإذا دين إسرائيل ينكر دينهم ويتجافى عنه، لهذا أحرقوا هيكل سليمان وتركوه يبابا.
على أن الهيكل أقيم بعد هذه الغزوات التي قام بها نبوخذ نصر، أقيم بادئ الأمر على صورة دون صورته الأولى جلالا وفخامة، لكن بناءه أعيد حين تولى هيرودس الأول حكم فلسطين باسم روما، وأعيد أفخم مما كان في أبهى عصوره وأكثرها عزا وأسماها مكانة. •••
تقلبت إسرائيل - بحكم هذه الأحداث التي تعاقبت على القرون - بين عزة الجاه العريض، ومضطرب الثورة على الحكام الذين غزوها، والعمل على دفع الغزاة عن أرضهم واستعادة سلطانهم عليها ودولتهم فيها، لكنهم أبوا خلال هذه الأحداث جميعا أن ينشروا بين الناس عقيدتهم، أو يذيعوا كلمة التوحيد في غير شعبهم، حرصا منهم على أن يظلوا شعب الله المختار، أو سموا بفكرتهم على أن يتناولها أولئك الذين يعبدون من دون الله بعض ما خلق الله؛ لذلك ظلت اليهودية مقصورة عليهم لا تتعدى حدودهم، ثم اندس إليها من عوامل الانحلال الروحي ما يترتب حتما على الانحلال الاجتماعي الذي يجره الاستعمار في ذيوله؛ لذلك انصرف شعب إسرائيل عن المعاني الروحية السامية إلى هذه الحياة الدنيا، وإن بقي من أحباره ورهبانه من أقاموا على حكم التوراة، ومن احتفظوا بمميزات هذا الشعب، مميزات المثابرة، ودقة المنطق، وصفاء الذهن. •••
كان انصراف بني إسرائيل عن شرعة التوراة في أسمى معانيها يدعو بعض هؤلاء الأحبار والرهبان ليتوقعوا قيام نبي من قومهم يبعثه الله ليعيد إليهم مجدهم ويرد السلطان لدولتهم. وكانت الإمبراطورية الرومانية إذ ذاك قد عظم أمرها في أوروبا، وآن لها أن تستقر على ضفاف بحر الروم من ناحية الشرق، بعد أن كانت يدها تمتد إليه، ثم تنقبض عنه.
وتم ذلك حين غزا بومبي فلسطين في السنة الثالثة والستين قبل الميلاد، لقد قاومت بيت المقدس وقاومت حصون الهيكل المقدس جيوش الروم مقاومة عنيفة، لكن هذه الجيوش انتهت إلى التغلب عليها، وإقرار حكم الإمبراطورية في ربوعها، على أن الروم لم يتعرضوا يومئذ للهيكل، ولم يحالوا دك قواعده ، بل تركوه قائما واستأمنوا أهله الذين أعلنوا الخضوع والطاعة، ورضوا أن تستقر روما في أرض إسرائيل. (4) السيد المسيح
لم ينقض القرن على غزو بومبي أرض فلسطين، حتى أذن الله للسيد المسيح، فقام يدعو قومه من بني إسرائيل ليعودوا إلى الله وليدخلوا على ملكوته. وكانت دعوته بطبيعتها ثورة على انحراف اليهودية عن شرعة التوراة، كما كانت ثورة على الغزاة الظالمين. وقد لقيت هذه الدعوة مقاومة من بني قومه، ومن الحاكم باسم روما، وبلغت هذه المقاومة شدة العنف حين دخل المسيح بيت المقدس.
نامعلوم صفحہ