امبراطوریہ اسلامیہ
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
اصناف
صلى الله عليه وسلم ، وإلى أن بلغ الخامسة والثلاثين من عمره. وفيما أهل مكة يتمتعون بحياتهم العادية، إذا سيل عظيم انحدر من الجبال وطغى على مكة، وأصاب الكعبة فوهنها وصدع جدرانها، وفكرت قريش فيما تصنع بها، وبعد تردد هدم القوم البيت الحرام حتى جداره، ونقلت قريش الأحجار من الجبال وبدأت البناء. فلما ارتفع إلى قامة الرجل وآن أن يوضع الحجر الأسود المقدس مكانه، اختلفت القبائل أيها يكون لها فخار وضعه في هذا المكان، وكادت الحرب الأهلية تنشب بسبب هذا الخلاف، لولا أن قال أمية بن المغيرة المخزومي للقوم - وكان فيهم شريفا مطاعا - اجعلوا الحكم بينكم أول داخل من باب الصفا.
وكان محمد بن عبد الله أول من دخل، فلما قص عليه القوم قصتهم، قال: «هلم إلي ثوبا.» ونشر الثوب، وأخذ الحجر بيده فوضعه فيه، ثم قال: «ليأخذ كبير كل قبيلة بطرف من أطراف هذا الثوب.» وحملوه جميعا حتى إذا حاذى موضع الحجر من البناء تناوله محمد ووضعه في موضعه، وبذلك انحسم الخلاف، وأتمت قريش بناء الكعبة ورفعت بابها عن الأرض، وسقفتها ووضعت هبل في داخلها، ووضعت معه النفائس التي أهديت من قبل لها، والتي طالما تعرضت قبل سقفها لمطامع اللصوص.
إعادة بناء الكعبة
وظل بناء الكعبة هذا قائما حتى آل الأمر إلى يزيد بن معاوية، وكانت عاصمته دمشق، وكان عبد الله بن الزبير لا يزال بمكة ثائرا بالأمويين، وجرد يزيد جيشا سار إلى مكة، وحاصر ابن الزبير بها، ونصب المنجنيق على جبال مكة ورمى الكعبة بعشرة آلاف حجر، وهنت البناء وجعلته عرضة للحريق لما كان يخالط أحجاره من خشب الساج. عند ذلك استشار ابن الزبير الناس ما يصنع بالبيت، وانتهى الأمر إلى هدم الكعبة وإعادة بنائها.
وفي أثناء البناء نصب حول الكعبة سياج من خشب وجعلت عليه ستور حتى يطوف الناس بمكان البيت ويصلوا إليه.
وبعد عشر سنوات حاصر الحجاج ابن الزبير وقتله، ثم غير أحد جدران الكعبة، وسد الباب الغربي، ورفع البناء إلى ما كان عليه في الجاهلية، فلما تولى هارون الرشيد سأل الإمام مالكا في هدم الكعبة وردها إلى بناء ابن الزبير، فكان جواب مالك: «يا أمير المؤمنين لا تجعل كعبة الله ملعبة للملوك، لا يشاء أحد أن يهدمها إلا هدمها.» وترك الرشيد البيت، لم يتعرض له.
بقيت الكعبة على بناء ابن الزبير وتعديل الحجاج إياه، لا يزيد المسلمون على أن يقووا ما يعتريه الوهن منها، حتى كانت سنة 1040ه/1630م، إذ هطل بمكة مطر هتون فدخل المسجد وارتفع حتى دخل الكعبة، وكان بناؤها قد وهن بعد أن انقضى عليه قرابة ألف عام؛ لذلك سقطت جدرانها واحدا بعد الآخر، وترامى ما أصاب البيت الحرام إلى الأقطار الإسلامية، فانزعج الناس فيها كما انزعج أهل مكة، فأجمع الكل على المبادرة إلى عمارتها.
وأحيط البيت بسياج من الخشب يطوف به الناس ويصلون إليه، كما كان الأمر على عهد ابن الزبير، وأنفق القوم في البناء ستة أشهر وأموالا طائلة، ولم يعيدوا من الأحجار التي بنى بها ابن الزبير الكعبة إلا ما وجدوه صلبا قويا، أما ما وهن فاستبدلوا به غيره.
على أن مشكلة خطيرة واجهتهم، فقد بدأ الحجر الأسود يتناثر الفتات منه، وللحجر الأسود من القدسية حظ جعل المعماريين يلجئون إلى كل أساليب الفن ليعيدوا إلى أجزائه صلابتها، ولما تم لهم ما أرادوا ربطوه بإطار الفضة الذي ربط به على عهد ابن الزبير ووضعوه مكانه.
وبناء الكعبة هذا هو القائم إلى يومنا الحاضر، وهو الذي يطوف المسلمون به منذ فرض الله الحج عليهم إلى الآن. (3) المسجد الحرام ومشاعر الحج
نامعلوم صفحہ