امبراطوریہ اسلامیہ
الإمبراطورية الإسلامية والأماكن المقدسة
اصناف
والقاضي العادل في البلاد الإسلامية، كان ولا يزال يتمتع بالمكانة والاستقلال اللذين يتمتع بهما القاضي العادل في الدول الديمقراطية جميعا، ليس لأحد على هذا القاضي سلطان، وسلطانه نافذ في الناس جميعا، وما دام الناس مطمئنين إلى عدله فله أن يجتهد في قضائه ما وجد إلى الاجتهاد سبيلا.
فإذا رأى يوما أن يعدل عن رأي رآه سلفه من القضاة الذين شهد لهم الناس في عصرهم بالنزاهة والعدل، بل إذا رأى يوما أن يعدل عن رأي رآه هو من قبل، اقتناعا منه بأن رأيا غيره أدنى إلى الحق وإلى تحقيق المنفعة العامة، كان بعمله هذا يؤدي واجبا ذا قيمة في الحياة الفقهية، ما دام هذا الرأي قائما على القواعد السليمة المقررة للعدل بين المسلمين. والواجب الذي يؤديه القاضي في هذه الناحية هو أداة التطور الفقهي، وهو الذي يجعل الفقه كفيلا دائما بأن يحقق الرخاء والأمن والسلام في حدود الحق والعدل.
وفرنسا التي درجت، منذ قرن ونصف قرن على الأقل، على سنة التشريع المقنن، تعتبر الفتاوى وأحكام القضاء مناهل أساسية لحياة العدالة. ومجموعات دالوز وسيري، وكتب جارسون وأمثاله، تقيد الأحكام والفتاوى على النحو الذي قيد به المسلمون من قبل أحكام قضاتهم وفتاوى مفتيهم، وتتخذ منها مرشدا لقواعد العدل ولتطور التشريع.
الإسلام وتطور التشريع
يحاول بعضهم أن يصور الإسلام تصويرا لا يتفق مع ما قدمنا، ويذكر سندا لرأيه أن التشريع والقضاء في الإسلام مقيدان بالقرآن الكريم تقييدا يحول دون التطور الذي يقضي به النظام الديمقراطي. وهذا الرأي خاطئ، إن كان صادرا عن حسن نية، فالفقه الإسلامي يعتمد على القرآن الكريم اعتمادا أساسيا، هذا صحيح، لكن ما ورد في القرآن من التشريع لا يتخطى القواعد العامة التي تقرها قواعد العدالة مصورة في مثلها الأعلى، والقواعد العامة الواردة في القرآن قليلة، لم تتناول من التفاصيل إلا أمورا بذاتها محصورة العدد جدا. ولهذا رأى المسلمون منذ العصر الأول أن يجعلوا مصادر الفقه والتشريع أربعة: الكتاب، والسنة، والقياس، والإجماع، وأن يكلوا إلى القاضي تطبيق هذه القواعد مع مراعاة أدق صور العدالة.
والسنة في الفقه الإسلامي هي ما تواتر من الأحكام عن رسول الله، وليس يتسع المقام للحديث عما ثبت بالتواتر من هذه الأحكام. وحسبنا أن نذكر ما روي عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
أنه قال: «إنكم ستختلفون من بعدي، فما جاءكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فمني، وما خالفه فليس عني.»
وقد قال ابن خلدون، وهو يتكلم عن الحديث: «لو انتقدت الروايات - يقصد روايات الحديث - من جهة فحوى متنها، كما تنقد من جهة سندها، لقضت المتون على كثير من الأحاديث بالنقض. وقد قالوا إن من علامة الحديث الموضوع مخالفته لظاهر القرآن أو القواعد المقررة في الشريعة أو للبرهان العقلي أو للحس والعيان وسائر اليقينيات.»
أما الأصل الثالث من أصول الفقه - وهو القياس - فمرجعه العقل ومنطقه، وإلى العلم بالكتاب والسنة.
نامعلوم صفحہ