ایمان
الإيمان
ایڈیٹر
محمد ناصر الدين الألباني
ناشر
المكتب الإسلامي،عمان
ایڈیشن نمبر
الخامسة
اشاعت کا سال
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
پبلشر کا مقام
الأردن
ضرر عظيم لا يصبر عليه الإنسان إلا لأمر عظيم، مثل لزومه لدين يعتقد أنه إن فارقه هلك فيصبر عليه حتى يقتل، وسواء كان الدين حقًا أو باطلًا، أما مع اعتقاده أن الفعل يجب عليه باطنًا وظاهرًا، فلا يكون فعل الصلاة أصعب عليه من احتمال القتل قط.
ونظير هذا لو قيل: إن رجلًا من أهل السنة قيل له: تَرَضَّ عن أبي بكر وعمر فامتنع عن ذلك حتى قتل مع محبته لهما واعتقاده فضلهما، ومع عدم الأعذار المانعة من الترضي عنهما، فهذا لا يقع قط. وكذلك لو قيل: إن رجلًا يشهد أن محمدًا رسول الله باطنا وظاهرًا وقد طلب منه ذلك، وليس هناك رهبة ولا رغبة يمتنع لأجلها، فامتنع منها حتى قتل، فهذا يمتنع أن يكون في الباطن يشهد أن محمدًا رسول الله؛ ولهذا كان القول الظاهر من الإيمان الذي لا نجاة للعبد إلا به عند عامة السلف والخلف من الأولين والآخرين إلا الجهمية جَهْمًا ومن وافقه فإنه إذا قدر أنه معذور لكونه أخرس، أو لكونه خائفًا من قوم إنأظهر الإسلام آذوه ونحو ذلك، فهذا يمكن ألا يتكلم مع إيمان في قلبه، كالمكره على كلمة الكفر، قال الله تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النحل: ١٠٦] وَهذه الآية مما يدل على فساد قول جهم ومن اتبعه، فإنه جعل كل من تكلم بالكفر من أهل وعيد الكفار، إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.
فإن قيل: فقد قال تعالى: ﴿وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا﴾ قيل: وهذا موافق لأولها فإنه من كفر من غير إكراه فقد شرح بالكفر صدرًا، وإلا ناقض أول الآية آخرها، ولو كان المراد بمن كفر هو الشارح صدره، وذلك يكون بلا إكراه، لم يستثن المكره فقط، بل كان يجب أن يستثنى المكره وغير المكره إذا لم يشرح صدره، وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعًا فقد شرح بها صدرًا وهي كفر،
1 / 174