ایمان
الإيمان
تحقیق کنندہ
محمد ناصر الدين الألباني
ناشر
المكتب الإسلامي،عمان
ایڈیشن نمبر
الخامسة
اشاعت کا سال
١٤١٦هـ/١٩٩٦م
پبلشر کا مقام
الأردن
قالوا: فإن قيل: معناه لا يؤمنون إيمانًا مجزئًا معتدًا به، أو يكون المعنى: لا يؤدون حقوق الإيمان، ولا يعملون بمقتضاه، قلنا: هذا عام لا يخصص إلا بدليل.
فيقال لهم: هذه الآية فيها نفي الإيمان عمن يواد المحادين لله ورسوله، وفيها أن من لا يواد المحادين لله ورسوله فإن الله كتب في قلوبهم الإيمان، وأيدهم بروح منه، وهذا يدل على مذهب السلف أنه لابد في الإيمان من محبة القلب لله ولرسوله، ومن بغض من يحاد الله ورسوله، ثم لم تدل الآية على أن العلم الذي في قلوبهم بأن محمدًا رسول الله يرتفع لا يبقى منه شيء، والإيمان الذي كتب في القلب ليس هو مجرد العلم والتصديق، بل هو تصديق القلب وعمل القلب؛ ولهذا قال: ﴿وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المجادلة: ٢٢] فقد وعدهم بالجنة. وقد اتفق الجميع على أن الوعد بالجنة لا يكون إلا مع الإتيان بالمأمور به وترك المحظور، فعلم أن هؤلاء الذين كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه، قد أدوا الواجبات التي بها يستحقون ما وعد الله به الأبرار المتقين، ودل هذا على أن الفساق لم يدخلوا في هذا الوعد، ودلت هذه الآية على أنه لا يوجد مؤمن يواد الكفار، ومعلوم أن خلقًا كثيرًا من الناس يعرف من نفسه أن التصديق في قلبه لم يكذب الرسول، وهو مع هذا يواد بعض الكفار، فالسلف يقولون: ترك الواجبات الظاهرة دليل على إنتفاء الإيمان الواجب من القلب، لكن قد يكون ذلك بزوال عمل القلب الذي هو حب الله ورسوله وخشية الله، ونحو ذلك لا يستلزم أن لا يكون في القلب من التصديق شيء، وعند هؤلاء كل من نفى الشرع إيمانه دل على أنه ليس في قلبه شيء من التصديق أصلًا، وهذا سفسطة عند جماهير العقلاء.
وكذلك حكى ابن فُورَك عن أبي الحسن الأشعري قال: الإيمان هو اعتقاد صدق المخبر فيما يخبر به اعتقادًا هو علم، ومنه اعتقاد ليس بعلم، والإيمان بالله وهو اعتقاد صدقه إنما يصح إذا كان عالمًا بصدقه في إخباره، وإنما يكون كذلك إذا كان
1 / 121