" إن الخليفة في أهله خير من النبي في أمته" (1). وعن جابر الجعفي أنه قال لزيد حين أزمع على الخروج بكلام ذكره له محمد الباقر من صفة خروج الإمام زيد بن علي وأنه مقتول، فقال الإمام زيد: " أأسكن وقد خولف كتاب الله تعالى، وتحوكم إلى الجبت والطاغوت؟ وذلك أني شهدت هشاما ورجل عنده يسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - وفي رواية أن الرجل الساب كان يهوديا - فقلت للساب له: ويلك يا كافر! أما إني لو تمكنت منك لاختطفت روحك وعجلتك إلى النار ". فقال هشام: مه عن جليسنا يا زيد، فثار الإمام زيد (ع) على كل هذه الأقاويل التي لا يقبلها مؤمن ولا يتصورها وقال (ع): " فوالله لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه وجاهدته حتى أفنى"(2) - أي على هشام. وقد تحمل زيد من هشام التلاعب به والعنت والحرج الشيء الكثير، وهو (ع) القائل:
" فوالله ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم " (3).
ومن أمثال العنت والغطرسة والحسد لكل شريف أنه دخل زيد بن علي (ع) على هشام بن عبد الملك وقد جمع له هشام الشاميين فلما دخل الإمام زيد سلم، فتجاهله هشام ومن في مجلسه، فانبرى قائلا: السلام عليك أيها الأحول، وإنك لجدير بهذا الاسم! فاستشاط هشام غضبا وقال: أنت زيد المؤمل للخلافة، ما أنت والخلافة وأنت ابن أمة؟!
فقال: إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن حتم الغايات، ولا أعرف أحدا أحب عند الله من نبي بعثه وهو ابن أمة، وهو إسماعيل بن إبراهيم، والنبوة أعظم عند الله من الخلافة، ثم لم يمنع ذلك أن جعله الله تعالى أبا للعرب، وأبا لخير النبيين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فلو كانت الأمهات تقصر عن حتم الغايات لم يبعثه الله نبيا، وما تقصيرك برجل جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبوه علي بن أبي طالب!! ثم أردف قائلا: اتق الله يا هشام!
صفحہ 8